من هنا تتميز ثقافتنا العربية بكونها ثقافة غنية و عريقة ولها جذور عميقة في التاريخ.. وفي الحاضر و لم تتأثر بأي حال من الأحوال برياح التيارات الفكرية و صراع الثقافات الأخرى إلا أنها خلال العقود الثلاثة الأخيرة تعرضت لهجمات شرسة من قبل ثقافات أخرى وتيارات فكرية مختلفة من أهمها الفارسية و الصينية لكن الثقافة الغربية ظلت تشكل الخطر الأول عليها بحكم عاملي القوة العلمية
و السياسية
فعلى المستوى السياسي يلاحظ أنه نتيجة للضغوط التي شهدتها دولنا العربية من طرف الدول الغربية والمتمثلة في الهيئات و المنظمات الدولية أصبحت دولنا تشهد تغيرا جذريا في الميدان السياسي حيث أدت إلى بروز أحزاب أسلامية و علمانية وقومية و ليبرالية و….الخ بل تأسيس جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان بما فيه حقوق المرأة و الطفل إلى غيرها …
أما على المستوى التربوي و العلمي فقد أدى الغزو العلمي الغربي إلى تغيير المناهج الدراسية في العديد من الدول أكثر من مرة بحجة إصلاح التعليم بل إن هناك معاهد و مراكزو كليات خاصة للتدريس باللغات الأخرى غير العربية إضافة إلى تقليص حصة اللغة العربية و التعليم الإسلامي و تهميشهما
أما على المستوى الإجتماعي فقد أدى الغزو الفكري الغربي إلى بروز نوع من الثقافة الغربية داخل المجتمعات العربية سواء من حيث تقليد الغرب في لباسهم أو ثقافتهم نتيجة الإعلام الغربي أو في قوانينهم كما هو حاصل في بعض دول المغرب العربي أوحتى تنظيم مهرجانات على غرار المهرجانات الغربية الصاخبة
أما على المستوى اللغوي فقد شهدت مجموعة من الدول العربية نوع من امتزاج اللغة الأصلية باللغات اللاتينية إلى حد فقدان الهوية كما هو الحال مثلا في مصروالمغرب والجزائروتونس و… أحيانا قد يلجأ العرب إلى التفاهم بلغة غير العربية كما حصل لعرب المهجر
كذلك أدت العمالة الخارجية الآتية من البلدان الأخرى إلى زرع ثقافات أخرى داخل البلدان العربية كما هو الشأن لبعض دول الخليج أو المغرب مثلا
لكن عموما في الوقت الذي تشهد فيه دول العالم التشبت بثقافتها كما هو الحال مثلا في الصين أو اليابان أو حتى إيران القريبة لنا
أصبحنا نحن العرب أكثر الشعوب تأثرا و استقبالا للثقافات الأخرى
وواقع الحال يشرح كل شيء
فماهو الحل لكي نجعل من الثقافة العربية و الإسلامية ثقافة قوية نواجه بها مخاطر الثقافات الأخرى؟
إلا أني أراه أفضل موضوع كتب هنا خلال الشهرين الماضية خصوصا أني جبت المدونة بأكمله 🙂
لهذا يستحق أن يرد عليه مع أنه موضوع شائك ويطول الخوض فيه ولعلي أحاول أن أركز بشكل مختصر على الأسباب ومكامن العلة بعيدا عن الخوض في التفاصيل ..
فنظرية أبن خلدون تقول : ( الأمة المغلوبة تتبع الأمة الغالبة )
ففي القرون الوسطى كانت الحضارة الإسلامية هي المتسيدة
وكان هناك منارتان عظيمتان في الشرق (العراق) وفي الغرب ( الأندلس)
و إن كانت الأندلس أكثر ديناميكية من نظيرتها الشرقية بحكم الديمغرافية المختلفة ونمط المعيشة السائد في تلك الفترة..
ففي مامضى كان الرهبان النصارى في جزيرة صقلية (جنوب إيطاليا) يفاخرون بتعلمهم العربية ويعتبرونها لغة العلم بل الحقيقة أن اللغة العربية في تلك الفترة كانت لغة المال والأعمال تماما كالإنجليزية اليوم !!
فالحضارة الإسلامية كنت في اوج توهجها وقوتها والحركة الثقافية كانت كبيرة جدا حيث أنها بدأت بتدوين الحديث وأنتقلت بسرعة كبيرة إلى العلوم الأخرى حتى باتت حضارتنا لا تضاهى أبدا..
ثم حلت سنن الأولين فكما يقول الشاعر :
لكل شيء إذا ما تم نقصان ——– فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأيام كما شاهدتها دول ——- من سره زمن ساءته أزمان
فبدأ ميزان القوى يصب لصالح الغير وخصوصا لصالح الأوربيين الذين أستفادوا أستفادة بالغة من حضارتنا وتجربتنا وتمردوا على الكنيسة التي كانت تسيطر على الحياة السياسية والفكرية ..
وانطلقوا منحيث توقفنا وصنعوا حضارتهم الخاصة بهم وبدؤا رحلات استكشافية بغرض البحث عن الموارد الطبيعية وهي الرحلات التي أدت إلى ما يسمى بالاستعمار …
والتي كانت لها اهداف تجارية واقتصادية وسياسية وقامت معظم دول أوروبا الغربية بتوسع خارج حدودها مع حركة ثقافية وعلمية كبيرة صاحبها نفوذ عسكري توسعي في اكثر من بقعة في العالم..
وفي نفس الوقت عانى العالم العربي و الإسلامي من تراجع كبير في المعرفة و الحركة الثقافية وحالة من الجمود الفكري وطغت التقليدية والنمطية الروتينية ومورس نوع من الحجر الفكري إذا جازت التسمية من قبل السلطة السياسية في تلك الفترة والتي أنتجت ضعف اقتصادي وعسكري واضح..
حتى وقعنا فريسة لإطماع الغير في مواردنا وأرضينا واستعمرت اغلب الدول العربية والإسلامية من قبل القوى الإمبريالية الغربية والتي تفوقت علينا كما وكيفا وهي الصدمة التي لم تكن لم تكن في الحسبان وأصبحت لغات كالإنجليزية والفرنسية و الإسبانية لغات عابرة للقارات بحكم التوسع الاستعماري الكبير عبر المحيطات بل إن دولا كثيرة جعلت من هذه اللغات لغة أم يتحدثون بها إلى اليوم في إفريقيا والأمريكيتان وحتى في بعض الدول العربية تعتبر اللغة الثانية وأصبح التحدث بها عند البعض منا نوع من الوجاهة الاجتماعية..
لأننا أصبحنا تحت نظرية ابن خلدون حيث اننا هزمنا ثقافيا ونبهرنا بالتقدم العلمي لهم ومدى التطور الحضاري الذي كانوا يعيشون فيه وما زالوا … وتبقى مشكلتنا الحقيقية أننا لم نستوعب الهزيمة بشكل صحيح ظللنا نبكي على الإطلال والأمجاد الغابرة و ظللنا نكابر وكلما تعرضنا لنكسة عدنا لتاريخنا الزاخر ونسينا قول الله تعالى ((تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون )) بينما استفاد غيرنا من الذين لم ينظروا إلى الخلف كاليابان وألمانيا ونهضوا من الركام و سابقوا الزمن ليحجزوا لهم مكان في هذا القرن الجديد..
وما الحركات السياسية المختلفة كالإسلامية أو الشيوعية أو الليبرالية و غيرها من المشارب الفكرية المختلفة على امتداد عالمنا الإسلامي أو الثقافة الهجينة الموجودة لدى جيل بأكمله إلا إفرزات لحالة فقدان الهوية التي نعاني منها والتي جعلتنا نتخبط في بحثا عن الحلول المثلى للنهوض وإن كانت كل الحلول المطروحة حبر على ورق كون المسألة منوطة بتحديد المفاهيم والأطر الصحيحة للبناء عليها إضافة إلى عجزنا الواضح في الجمع بين مفهومين مهمين جدا للنهوض الثقافي والحضاري وهما ( الأصآلة والمعاصرة ) فهذان العنصران مازلنا إلى الآن غير قادرين على دمجهما واستيعابهما بالشكل الصحيح مع العلم بأن قاعدتنا الثقافية ثرية جدا كونها نابعة من عقيدة صلبة باقية إلى يوم الدين
الموضوع يطول الحديث عنه كونه يمس مصيرنا كأمة ولكن ما ذكرته هنا ربما يختصر كل النقاط التي ذكرتها ..
تحياتي
اصبحو وخلصوا
يعنى عنا الو متاثر بالغرب هو الى ببكون مميز ز وغير شكل
ويا ريت بالشئ المنيح والجيد لا بالعكس الشئ السلبى والسلبى فقط
تحياتى