ما الاستفهامية
بقية أدوات الاستفهام موضوعة لطلب التصور فقط، فيقع السؤال عن معناها.
1 ـ فـ (ما): موضوعة للاستفهام عن غير العقلاء، ويطلب بها احد امور ثلاثة:
الأول: ايضاح الاسم، مثلا يقال: (ما الفدوكس)؟ فيقال في الجواب: (أسد).
الثاني: بيان حقيقة الشيء، مثلا يقال: (ما الاسد)؟ فيقال في الجواب: (حيوان مفترس).
الثالث: بيان صفة الشيء، مثلا يقال: (ما الحيوان)؟ فيقال في الجواب: (حساس متحرك بالارادة).
وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه عليها، وهي: أن السؤال عن شيء حسب ترتيبه العقلي هكذا:
الف ـ السؤال بـ (ما) الشارحة، تقول: (ما هي الذكاء)؟ فيقال: (الشمس).
ب- السؤال بـ (هل) البسيطة، تقول: (هل الشمس موجودة)؟ فيقال: (نعم).
ج- السؤال بـ (ما) الحقيقية، تقول (ماهي الشمس)؟ فيقال: (جرم علوي مضيء..).
د- السؤال بـ (هل المركبة)، تقول: (هل الشمس أصل الكون)؟ فيقال: (لا).
وذلك لان الانسان يطلب أولا معنى اللفظ، ثم وجوده، ثم حقيقته، ثم صفاته وخصوصياته.
بقية أدوات الاستفهام
2 ـ و(من): موضوعة للاستفهام عن العقلاء، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا)؟(40) وقد ينعكس، فتستعمل (ما) للعاقل، و(من) لغيره.
3 ـ و(متى): موضوعه للاستفهام عن الزمان، مستقبلا كان أم ماضيا، نحو: (متى خلف رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم) عليا عليه السلام و(متى يظهر الحجة عليه السلام)؟
4 ـ و(أيان): موضوعة للاستفهام عن زمان المستقبل فقط، قال تعالى: (يسئل أيان يوم القيامة)؟ (41).
5 ـ و(كيف): موضـــوعــــة للاستفـــهام عن الحال، قــــال تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)؟(42).
6 ـ و(اين): موضوعة للاستفهام عن المكان، قال تعالى: (أين شركاؤكم)؟ (43).
7 ـ و(أتى): موضوعة الاستفهام، وتأتي بمعنى:
الف ـ كيف، كقوله تعالى: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها)؟ (44).
ب – وبمعنى من أين، كقوله تعالى: (يا مريم أنى لك هذا)؟ (45).
ج- وبمعنى متى، تقول: (زره أنى شئت؟).
8 ـ و(كم): موضوعة للاستفهام عن عدد مبهم، كقوله تعالى: كم لبثتم في الارض عدد سنين) (46).
9 ـ و(أي) موضوعة للإستفهام عن تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما: شخصا، أو زمانا أو مكانا، أو حالا، أو عددا، عاقلا أو غيره، قال تعالى: (أي الفريقين خير مقاما)؟ (47).
خروج أدوات الإستفهام من معانيها
قالوا: وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الاصلي: وهو طلب الفهم من الجهل، فيستفهم بها عن الشيء مع االعلم به لاغراض أخرى، وأهمها أمور:
1 – الامر، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون)؟ (48)أي انتهوا.
2 – النهي، كقوله تعالى: (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه) (49). أي لا تخشوهم.
3 – التسوية، كقوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم)؟ (50).
4 – النفي، كقوله تعالى: (هل جزاء الاحسان الا الاحسان)؟ (51).
5 – الانكار، كقوله تعالى:(أغير الله تدعون)؟ (52).
6 – التشويق، كقوله تعالى:(هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)؟ (53).
7 – الاستئناس، كقوله تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى)؟ (54).
8 – التقرير، كقوله تعالى:(ألم نشرح لك صدرك)؟ (55).
9 – التهويل، كقوله تعالى: (وما أدراك ما الحاقة)؟ (56).
10 – الإستبعاد، كقوله تعالى: (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين)؟(57).
11 – التعظيم كقوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)؟ (58).
12 – التحقير، كقوله تعالى: (أهذا الذي يذكر آلهتكم)؟ (59).
13 ـ التعجب، كقوله تعالى: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام)؟ (60).
14 ـ التهكم، كقوله تعالى: (أصلاتك تأمرك أن نترك ما كان يعبد آباؤنا)؟ (61).
15 – الوعيد، كقوله تعالى:(ألم تر كيف فعل ربك بعباد)؟ (62).
16 – الاستبطاء، كقوله تعالى:(متى نصر الله)؟ (63).
17 – التنبيه على الخطأ، كقوله تعالى:(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟(64).
18 – التنبيه على ضلال الطريق، كقوله تعالى: (فأين تذهبون)؟ (65).
19 – التحسر، كقوله تعالى: (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني الى النار)؟ (66).
20 – التكثير، كقوله: (أهذا الخلق يحشر في القيامة).
التمني
الرابع(67): التمني، وهو طلب المحبوب الذي لا يرجى حصوله، لاستحالته عقلا أو شرعا أو عادة، كقولك: (ليت الشباب لنا يعود) و(ليت السواك كان واجبا) وقوله تعالى: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون)(68).
والفرق بين التمني والترجي ـ كما ذكروا ـ: أن التمني يأتي فيما لا يرجى حصوله، ممكنا كان أم ممتنعا، والترجي فيما يرجى حصوله.
ويستعمل للترجي ـ غالبا ـ (عسى) و(لعل) قال الله تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(69) وقال سبحانه: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)(70).
قالوا: وللتمني أدوات أخرى تستعمل فيه مجازا، مثل:
(هل): قال تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا)؟ (71).
و (لو): قال تعالى: (فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين)(72).
و (لعل) كقول الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلـــي إلى من قد هويت أطير
وقد ينعكس فيؤتى بـ (ليت) مكان (لعل)، قال تعالى: (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا)(73) للتندم، وقال الشاعر:
فيا ليت ما بيني وبين أحبتـــي من البعد ما بيني وبين المصائب
النداء
الخامس: النداء، وهو طلب توجه المخاطب الى المتكلم بحرف يفيد معنى: (انادي).
وحروف النداء:
1 ـ الهمزة: قال الشاعر: (أسكان نعمان الاراك تيقنوا…).
2 ـ يا: قال تعالى: (ياأيها النبي اتق الله…)(74).
3 ـ أي: قال الشاعر: (أيها السائل عنهم وعني…).
4 ـ أ: كقوله: (أسيد القوم أني لست متكلا…).
5 ـ أي: كقوله: (أي رب قو المسلمين فإنهم…).
6 ـ أيا: كقوله: (أيا من لست أنساه…).
7 ـ هيا: كقوله: (… ويقول من فرح: هيا ربا).
8 ـ وا: كقوله: (فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص…).
ثم انهم اختلفوا في هذه الحروف، والمرجح: أن (الهمزة) و(أي) لنداء القريب، والباقي لنداء البعيد.
وقد يجعل للقريب سائر الادوات اشارة إلى انحطاط مرتبته فلا يليق بالتكلم معه عن قريب، أو ارتفاع مرتبته فشأنه أجل من أن يتكلم عن قرب، أو لكونه كالبعيد، كالنائم والغافل..
كما أنه ربما يجعل للبعيد أدوات القريب، اشارة إلى أنه في نفس المتكلم فهو كالقريب، أو لتنزيل القرب المعنوي منزلة القرب المكاني..
استخدام النداء لأغراض اخر
قالوا: وربما يؤتى بحرف النداء لغرض آخر، وأهم الاغراض:
1 ـ الإستغاثة، كقوله: (يا لقومي ويا لأمثال قومي..).
2 ـ الاغراء، كقوله: (يا من رميت ألا تنهض إلى الثار…).
3 ـ الندبة، كقوله: (يا حسينا قتلته الأشقياء…).
4 ـ الزجر، كقوله: (أفؤادي متى المتاب؟…).
5 ـ التعجب، كقوله: (يا أيها المجنون كيف تفلسف؟…).
6 ـ التضجر وإظهار الحزن، كقوله: (أيا منزل الاحباب أين الاحبة؟…).
7 ـ التذكر، كقوله: (ذكرتك يا معهد المسلمين…).
8 ـ الاختصاص، وهو كالنداء من غير ياء، فيؤتى بالضمير ثم باسم ظاهر يبينه، نحو قوله تعالى: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت أنه حميد مجيد)(75) ونحو قوله (صلى الله عليه آله وسلم): (انا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)(76).
وضع الخبر موضع الإنشاء
يوضع الخبر موضع الإنشاء لاغراض:
1 ـ التفأل، كقوله: (عافاك ربك من بليتك التي…) وكقوله: (وفقك الله) و(أصلحك الله).
2 ـ الإحتراز عن إتيان الشيء بصورة الأمر، تأدبا ونحوه، كقوله: (ينظر سيدي إلى مقالي..).
3 ـ التنبيه على سهولة الأمر لتوفر شروطه، كقوله: (تأخذون بنواصي القوم وتنزلونهم من صياصيهم…).
4 ـ المبالغة في الطلب تأكيدا، كقوله: (لا تضربون وجوه الناس بالعمد..) لم يقل: (لا تضربوا) مبالغة في النهي حتى كأنهم امتثلوا النهي فأخبر عن امتثالهم.
5 ـ إظهار الرغبة في الشيء، كقوله: (شفعني الله محمدا وآله).
وضع الانشاء موضع الخبر
وقد ينعكس الامر فيوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض:
1 ـ اظهار العناية بالشيء والإهتمام به، كقوله تعالى: (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد…)(77) والأصل: وإقامة وجوهكم.. لكنه لعظيم خطر الصلاة اوتي في صورة الانشاء.
2 ـ التأدب بالنسبة إلى عظيم لئلا يساويه غيره في سوق الكلام، كقوله تعالى: (قال اني اشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون…)(78) لم يقل: واشهدكم.. لئلا يتشابه الإستشهادان.