من الصور الرائعة التي كانت بارزة في بيوت سلفنا الصالح تلك الصور التي تحكي التعاون الإيماني بين الزوجين في القيام ببعض العبادات والتعاهد على أن يعين بعضهم بعضا في أداء الفرائض والمستحبات.
وقد روي في هذا المعنى صفحات مشرقة ومشاعل نيرة جديرة باهتمام الدعاة لتكون مثالا يحتذى في بيوتهم .فهذا دعاء بالرحمة لزوج قام من الليل فأيقظ أهله: (رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته) حسنه الألباني.
وقد يسبق ذلك تذكير بحقيقة الدنيا الزائلة وموعظة يذكر بها الزوج زوجه بالآخرة المقبلة ويخوف فيها من مضلات الفتن وحاجة المرء إلى صلة تصله بربه ليرقق القلب وليهيئه وينشطه للقيام بتلك العبادات كما قال صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله !! ماذا أنزل الليلة من الفتن ،وماذا فتح من الخزائن .. أيقظوا صويحبات الحجرات ، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) رواه البخاري.
قال ابن حجر – رحمه الله – في فوائد الحديث: وفيه ندبية إيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة.أ.ه. ومع هذا فقد يشعر الزوج بضعفه وتكاسله عن القيام بمفرده ، وعندئذ يمكن أن يوقظ زوجته ويصليا جميعا وذلك أيسر على النفس في أداء العبادات وأسهل في التغلب على المعوقات، قال صلى الله عليه وسلم إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين والذاكرات) صحيح الترغيب.
وفي الأذكار وكثرة التسبيح والتهليل وقراءة الأوراد مجال رحب للتعاون بين الزوجين فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين جويرية وكان قد خرج منها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها (أي في موضع صلاتها) ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت نعم . فقال صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ،ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) رواه مسلم.
وليس الأمر مقصورا على التعاون في العبادات المحضة بل هناك صورا أخرى كثيرة تقوي الإيمان ويسعد بها الزوجان مثل أداء العمرة والحج والصيام و الصدقة ونحوها من أبواب البر .. قالت سعدى دخلت يوما على طلحة (تعني زوجها طلحة بن عبيد الله) فرأيت منه ثقلا (تعني هما) فقلت له: ما لك لعلك رابك منا شيء (أي لعله صدرت منا إليك إساءة) فنعتبك؟ (أي فنعتذر منك).
قال لا ، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت ،ولكن اجتمع عندي مال ولا أدري كيف أصنع به؟
قالت : وما يغمك منه ؟ ادع قومك ،فاقسمه بينهم !
فقال : يا غلام ! علي بقومي.
قالت : فسألت الخازن كم قسم؟
قال : (أربعمائة ألف) رواه الطبراني وهو في صحيح الترغيب.
وفي المعنى حديث عائشة مرفوعا (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا) رواه البخاري ومسلم.
فما أحوجنا لإحياء هذه الصور في بيوتنا!! نوثق بها صلتنا بربنا، ونقوي بها إيماننا، ونربي بها زوجاتنا. إن من الرزية أن يقصر الزوج علاقته بزوجته في شؤون الدنيا ومتاعها، ومن النقص الذي لا يليق ألا نتجاوز في أحاديثنا مع زوجاتنا شهوات الفرج والبطن.
فكم منا سيجعل من هذه الليلة بداية للانطلاق في مدارج السمو الإيماني ليضع جبهته ساجدا ومعه زوجته يلهجان بلسان خاشع وقلب خاضع : ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
تسلم يدك يالغلا
موضوع راائع ..
لك ودي
لكم ودى و احترامى اختى الشيخة العراقية واختى أميرة ومهرى غالى
دمتى على كل خير
تقبلي مروري
عادل الخبر
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
تشرفت بمروركم الكربم