تخطى إلى المحتوى

الكنز البابلي في متحف بوده ببرلين 2024

الكنز البابلي في متحف بوده ببرلين

الجيريا
مبنى متحف بوده

د . عدنان جواد الطعمة

الجيريا

هكذا وجدت الكنز البابلي محفزظا في صندوق زجاجي و الإنارة سيئة

قبل أكثر من شهر قرأت في الإنترنت أن متحف برجامون ببرلين سيقيم معرضا هاما بمناسبة مرور خمسة آلاف سنة على حضارة أور والوركاء . وكانت عندنا ضيفة ألمانية

الجيريا

صديقة زوجتي التي قالت بأنها ستأتي معنا لزيارة هذا المعرض الهام الذي سيضم معظم آثار حضارة أور التي يستعيرها متحف بوده من متاحف العالم الأخرى بصورة مؤقتة .

الجيريا

تحدثت إلى زوجتي الكريمة فأخبرتني بأنها ترغب أن تزور هذا المعرض و كذلك المتاحف الألمانية العالمية المشهورة الواقعة في جزيرة المتاحف . سبق لنا أن زرنا متحف

الجيريا

برجامون قبل خمس سنوات وكانت صالة من صالات معرض آثار أور مغلقة في حينه .
درست الأمر جيدا و هيأت كل كامراتي وعدساتي الإضافية و حاملا واحدا . ثم وضعت

الجيريا

خطة رهيبة و مركزة لزيارة كافة صالات وأقسام المتاحف التي تحتوي على الآثار العراقية لحضارات وادي الرافدين و بقية آثار الدول العربية و الإسلامية عامة . كما

الجيريا

وضعت خطة مدروسة جيدا لتصوير كافة الكنوز و القطع الفنية لمختلف الموضوعات منذ آلاف السنين و في العصر الحديث . و بعد أن أجرينا الإتصالات حجزنا على شقة مؤثثة

الجيريا

مكونة من غرفتين و مطبخ و حمام و قريبة جدا من المتاحف أي في وسط العاصمة الألمانية . كانت فكرتنا في البداية أن نسافر بسيارتنا كما فعلنا ذلك قبل خمس سنوات ،

الجيريا

هكذا رأيت الكنز البابلي

إلا أننا بسبب الفيضانات الأخيرة قررنا أن نسافر بالقطار و حجزنا التذاكر و كذلك على المقاعد . وحددنا يوم ومدة السفر إبتداءا من 13 إلى 21 تموز 2024 .

الجيريا

أخبرتنا صديقة زوجتي بأنها تعتذر عن السفر إلى برلين لأسباب عائلية .
كان الجو قبل 13 تموز باردا و متقلبا و خفنا أن يكون الجو في برلين أيضا متقلبا . معنى ذلك وجب علينا أخذ ملابس شتائية و صيفية .

الجيريا

أما أنا، فحرت في أمري و أمر الكامرات والعدسات وحوامل الكامرات و البطاريات وكل حاجة تخص التصوير التي ينبغي أخذها معي ، بالإضافة إلى الدفاتر و الأقلام و شاحنات

الجيريا

البطاريات الخاصة بكل كامرة . بدأت بالتدريج بجمع كل الأشياء و الحاجيات التي أردت أخذها معي في هذه الرحلة العلمية والأثرية والثقافية السعيدة .

الجيريا

وضعت كل كامراتي وملحقاتها في جنطة أو حقيبة متوسطة الحجم ، كما وضعت كل الأشياء الأخرى في جنطة كبيرة جدا . وعندما قرب موعد السفر بدأت بإحصاء الحاجيات

التي لازم آخذها معي لتحقيق هدفي المنشود ، وهو تصوير كل قطعة فنية و أثرية تخص العراق والعالم الإسلامي . أخذت معي ثلاث كامرات و أربع عدسات ثقيلة وحاملا

واحدا مع عدة بطاريات خاصة بكل كامرة و شحنتها و أخذت أيضا شاحناتها و أسلاك الكهرباء للحيطة .

الجيريا

أصبحت حقيبتي الكبيرة جدا ثقيلة بحيث كنت أعاني من حملها . أما حقيبة الكامرات والعدسات فكانت ، رغم صغر حجمها أيضا ثقيلة . وهكذا طلبنا تاكسي في الساعة

الجيريا

السابعة يوم 13 تموز ليوصلنا إلى محطة القطار القريبة من بيتنا حملت الحقيبتين باطلاع الروح و وضعت حامل الكامرة على كتفي بعد ان ارتديت معطفا ,

الجيريا

كان المفروض أن يصل القطار إلى برلين في غضون خمس ساعات و بدون تحويلة ، لكن نتيجة الأمطار الغزيرة والفيضانات التي حدثت في ألمانيا قبل شهرين غيرت كافة

الجيريا

مواقيت واتجاهات القطارات لأن بعض الجسور و القنطرات و أرضية سكك الحديد لم تتحمل . الأمر الذي أجبرنا أن نتحول مرتين أو ثلاث مرات . أويلي قلت في نفسي :

دنياي خربطها الوقت صار الوقت خربيطه ههههههه

تحرك قطارنا الميمون في الساعة السابعة و خمسين دقيقة مارا بترايزا و فيلهلمس هويه . بالقرب من مدينة كاسل . إضطررنا أن نتحول إلى القطار الثاني . لم أجد حمالا

الجيريا

يحمل الحقائب الثقيلة . قمنا سوية بدحرجة و سحب الحقائب وانتقلنا إلى القطار الثاني الذي وجدنا مقاعدنا المحجوزة بصعوبة . أخبرنا سائق القطار قبيل وصولنا إلى محطة

قطارات مدينة هانوفر بأن عطلا و خللا فنيا حصل في الأسلاك العليا فوق قطارات محطة هانوفر و أن سائق القطار لا يستطيع أن يدخل إلى محطة هانوفر . إضطررنا أن

الجيريا

نتحول للمرة الثالثة إلى قطار صغير يوصلنا إلى محطة هانوفر . و بعد إنقطاع أنفاسنا من حمل الجنط و سحبها وصلنا هانوفر في الساعة العاشرة و أربعين دقيقة .

الجيريا

وانتظرنا ، ثم ركبنا القطار الذي سيوصلنا إلى برلين، حيث تحرك في الساعة 11 و 31 دقيقة. ولله الحمد وصلنا برلين في تمام الساعة الثانية والنصف بعد الظهر . و في الحال

إشترينا بطاقة مرور لمدة أسبوع ثم خرجنا واستأجرنا تأكسي الذي أوصلنا إلى الشقة في حدود الساعة الثالثة عصرا .

الجيريا

كان ذلك يوم السبت 13 تموز 2024 . قلت لزوجتي دعينا نرتاح شوية وناكل متاعنا ونشرب شاي و نستحم ثم نأخذ تاكسي إلى متحف برجامون ، لكي يتسنى لي زيارة

الجيريا

بعض قاعاته لمدة ساعتين . لأن المتحف سيغلق في تمام الساعة السادسة مساءا . وبالفعل حملت جنطة كامراتي و تحزمت بحزامين علقت في أحدهما عدستين كبيرتين

وحملت على عنقي كامرتين إحداهما ثقيلة جدا . وهكذا توكلت على الله وانطلقت مارا بباب عشتار و شارع الأسود إلى أن وصلت مدخل معرض أور والوركاء . ألتقطت عدة

الجيريا

صورا في أول قاعة و قربت الساعة السادسة إلا ربع وخرجت . كانت زوجتي العزيزة تنتظرني أمام باب المتحف . ذهبنا باتجاه حديقة الإبتهاج ورأيت مئات من الشباب

والشابات والنساء والأطفال جالسين على الحشيش بمجموعات و أفراد من كل العالم . و كنيسة أسقفية تاريخية ضخمة مطلة على هذه الحديقة الغناء . ثم تحركنا باتجاه أحد

فروع نهر شبريه و شاهدنا مقاهي ومطاعم و فنادق جلسنا في مطعم أحد الفنادق على ضفة نهر شبريه , كان الهواء عذبا لطيفا ، وكانت السفن والقوارب الصغيرة تمر أمامنا .

الجيريا

طلبنا بيتزا خضروات و ماءا و قهوة و تعشينا براحتنا . بدأت ألاعب العصافير التي كانت بقربنا فأعطيتها وأطعمتها قطعا من البيتزا . كان المنظر لطيفا جدا .

سأعود في الأيام و الأسابيع القادمة لتكملة تفاصيل رحلتنا السعيدة .

ففي يوم 19 تموز 2024 قررت زيارة متحف بوده Bode-Museum و متحف دالم Dalem لإحتواء المتحف الأول بوده على مسكوكات عربية وإسلامية و المتحف الثاني

دالم لإحتوائه على القطع الفنية الإسلامية وعلى آلات موسيقية مختلفة من كل العالم ، حيث سبق لنا أن زرناه قبل خمس سنوات . وفي متحف دالم كان رأس نفرتيته محفوظا

فيه في السابق . تفتح المتاحف عادة في الساعة العاشرة صباحا وتغلق في الساعة السادسة مساءا ما عدا يوم الإثنين . ركبنا سيارة الباص رقم 85 أوصلنا إلى ساحة

بوتسدام ومن ساحة بوتسدام ركبنا باصا رقم 200 أوصلنا إلى حديقة الإبتهاج أمام الكنيسة الأسقفية . ومن هناك مشينا إلى جزيرة المتاحف محاذيا لنهر شبريه فوصلنا

متحف بوده في الساعة التاسعة صباحا . جلسنا أمام المتحف لمدة ساعة وكنت أول من دخل المتحف . سألت الإستعلامات عن قسم المسكوكات و صعدت إلى الطابق

الأول و مررت بالمطعم حاملا معي كامرتين ثم دخلت أول قاعة أو صالة للمسكوكات المرتبة ترتيبا حسنا رائعا . مئات بل وآلاف المسكوكات مرتبة على رفوف رفيعة و بالقرب

من كل مسكوكة كتابة بسطور قليلة تشرح إسم المسكوكة وتاريخ سكها أو ضربها . إتفقت مع زوجتي أن نلتقى أمام الكنيسة الأسقفية في الساعة 12 ظهرا أي بعد

ساعتين . آه … بدأت بفحص كل مسكوكة و قراءة ما كتب عنها . بقيت أكثر من ساعة لم أجد ما يشفي غليلي ، لأني كنت على علم اليقين بأني سأجد مسكوكات عربية وإسلامية .

ثم انتقلت بسرعة إلى آخر قاعة لإلقاء نظرة عما تحتويه من مسكوكات قديمة . وهكذا بدأت بتمشيط كل قاعة على حدة إلى أن أكتشفت في القاعة الثانية أو الثالثة في

إحدى زواياها مسكوكات عربية و ساسانية . بدأت أتنفس الصعداء وضعت إحدى كامراتي على الأرض مع كتالوج ضخم ثم بدأت بتصوير المسكوكات الذهبية والفضية المحفوظة

في علبة أو صندوق زجاجي. ثم أعدت تصوير كل مسكوكة مرة أخرى و بعد الإنتهاء من فحص وتصوير المسكوكات العربية والساسانية إتجهت نحو اليسار و عيوني تبصبص أي

تحدق النظر لرؤية كل مسكوكة كانت أوروبية أو ألمانية . يا سبحان الله ، وفجأة نظرت صندوقا كبيرا فيه مسكوكات فضية عربية رائعة . يعني كومة مسكوكات كتب أمامها الكنز البابلي أو كنز بابل .

هنا فقدت أعصابي وهاجت مشاعري و حزنت كثيرا والله . قمت بتصويرها على الرغم من رداءة الإنارة و انعكاس الصور بسبب الزجاج . إستعملت كل خبراتي الفنية في

التصوير إلى أن أنهيت التصوير . سألت السيدة المشرفة على هذه القاعة فأخبرتني بأن أذهب إلى كابينة المسكوكات تحت الأرض وهناك تحصل على معلومات دقيقة .

كم تمنيت أن تكون هذه المسكوكات في متحف بغداد الحبيبة لأنها تمثل تراثنا العراقي !!!
إنتابني شعور مزدوج بين الغضب والحزن و الألم لأنها نقلت من بابل و بين الفرحة والإبتهاج لأني إكتشفتها بالصدفة وأنها محفوظة باعتناء لدى الألمان.

لملمت كامراتي وحملت الكتالوج وكتبا أخرى ونزلت إلى الطابق تحت الأرض إلى كابينة المسكوكات الرائعة فتحت الباب سيدة محترمة و رحبت بي وأخبرتها عن رغبتي الملحة

الجيريا

لمعرفة عدد المسكوكات وأين هي وخاصة كنز بابل أو الكنز البابلي الذي أطلق الألمان عليه عام 1900 عندما عثروا عليه . هذا القسم يستخدم للباحثين والمؤرخين الذين

يهتمون بعلم المسكوكات و بالمسكوكات نفسها و بالمراجع و المصادر .
حضر مدير القسم وحياني وتداولنا أطراف الحديث عن الكنز البابلي والمسكوكات العربية والإسلامية الأخرى .

الجيريا

أجابني مشكورا بأن عدد هذه المسكوكات يبلغ عشرة آلاف مسكوكة فضية وزنها 30 كيلو غراما ، تسعة آلاف مسكوكة عربية و 600 مسكوكة ساسانية و البقية مسكوكات دراخمات عربية ساسانية

و أحدث المسكوكات ضربت سنة 204 للهجرة . جلب لي السيد كتالوجا جدا ضخما بعنوان بابل الحقيقة و مجلدين للمسكوكات الساسانية .

الجيريا

لقد داهمني الوقت و على الفور شكرت السيد المسؤول وخرجت . إشتريت من الإستعلامات كتالوجا صغيرا عن المسكوكات و المداليات المعروضة في معرض القاعات في الطابق الأول.

ورد في الصفحة 10 موجزا عن الكنز البابلي بعنوان : نقود أو مسكوكات عربية من بابل

جاء فيه : عند قيام جمعية الشرق الألمانية بتاريخ 16 آب 1900 بعمليات الحفر

الجيريا

والتنقيبات عثر السيد روبرت كولده واي Robert Koldewey على قارورة الأمفورة كنز للمسكوكات . يحتوي هذا الكنز على حوالي عشرة آلاف مسكوكة أو عملة فضية بوزن

30 كيلو غراما، أكثرها تسعة آلاف درهم فضي عربي و أكثر من 600 مسكوكة ساسانية و دارخمات عربية ساساتية . وأحدث المسكوكات ضربت سنة 204 للهجرة أي

الجيريا

سنة 819 / 820 للميلاد . كانت بابل في ذلك الزمن كبيرة و مشهورة لأهميتها

كعاصمة إقليم . و في عام 1920 قامت جمعية الشرق الألمانية بإهداء هذا الكنز إلى كابينة المسكوكات في متحف بوده .

الجيريا

الأمفورة: قارورة ضيقة العنق ذات عروتين كان الإغريق والرومان يضعون فيها الخمر أو الزيت الخ ..(راجع: المورد قاموس إنكليزي- عربي ، طبعة 1980 ، صفحة 44 ) .

تقبلوا مني فائق ودي واحترامي

د .عدنان

ألمانيا في 24 تموز 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.