(الوصل): عطف جملة على اخرى بالواو.
و(الفصل): الإتيان بالجملة الثانية بدون العطف.
فمن الوصل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)(1).
ومن الفصل قوله تعالى: (ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن)(2).
والبلاغة في الوصل أن تكون بالواو، دون سائر العواطف.
ويشترط في العطف بالواو وجود الجامع الحقيقي بين طرفي الاسناد، أو الجامع الذهني.
فالحقيقي نحو: (يقرأ زيد ويقرأ عمرو) فإن القراءة والكتابة متوافقتان، وزيد وعمرو كذلك.
والذهني نحو: (بخل خالد وكرم بكر) فإن االمتضادين كالبخل والكرم بينهما جامع ذهني، لانتقال الذهن من أحدهما إلى الآخر.
ولا يجوز(3) أن يقال: ( جاء محمد وذهبت الريح) لعدم الجامع بين محمد والريح، ولا: (قال علي وصاح معاوية) لعدم الجامع بين القول والصياح ـ كذا قالوا ـ.
ويقع الوصل في ثلاثة مواضع:
1 ـ إذا اتحدت الجملتان في الخبرية والإنشائية، لفظا ومعنى، أو معنى فقط، مع المناسبة بينهما، وعدم مقتضى الفصل.
فالخبريتان نحو قوله تعالى: (إن الابرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم)(4).
والإنشائيتان نحو قوله سبحانه: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا)(5).
والمختلفتان نحو قوله تعالى: (إني اشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون)(6).
فالجملة الثانية وإن كانت انشائية لفظا، لكنها خبرية معنى.
2 ـ دفع توهم غير المراد، فإنه إذا اختلفت الجملتان خبرا وإنشاءا، ولكن كان الفصل موهم خلاف المراد وجب الوصل، كقولك في جواب من قال: (هل جاء زيد): (لا، وأصلحك الله) فإنك لو قلت: (لاأصلحك الله) توهم الدعاء عليه، والحال أنك تريد الدعاء له.
3 ـ أذا كان للجملة الاولى محل من الاعراب، وقصد مشاركة الثانية لها، قال تعالى: (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله)(7) حيث قصد اشتراك (يصدون) لـ (كفروا) في جعله صلة.
الأصل في الجمل المتناسقة المتتالية أن تعطف بالواو، تنظيما للفظ، لكن قد يعرض ما يوجب الفصل، وهي أمور:
1 ـ أن تكون بين الجملتين اتحاد تام، حتى كأنهما شيء واحد، والشيء لا يعطف على نفسه، قال تعالى: (أمدكم بما تعلمون أمدكم بأموال وبنين)(8).
2 ـ أن تكون الجملة الثانية لرفع الإبهام في الجملة الاولى، قال تعالى: (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد)(9).
3 ـ أن تكون الجملة الثانية مؤكدة للأولى، قال تعالى: (وما هم بمؤمنين يخادعون الله)(10).
وهذه الموارد الثلاثة تسمى لما يكون بين الجملتين فيها من الإتحاد التام بـ: كما الاتصال.
4 ـ أن يكون بين الجملتين اختلاف تام في الخبر والإنشاء أو اللفظ والمعنى، أو المعنى فقط، قال الشاعر: (وقال رائدهم: ارسوا نزاولها…).
5 ـ أن لايكون بين الجملتين مناسبة في المعنى ولا ارتباط، بل كل منهما مستقل، كقوله:
وهذان الموردان يسميان لما بين الجملتين من الاختلاف التام بـ: كمال الانقطاع.
6 ـ أن يكون بينهما شبه كمال الإتصال، بأن تكون الجملة الثانية واقعة في جواب سؤال يفهم من الجملة الاولى، فتفصل عن الاولى كما يفصل الجواب عن السؤال، قال تعالى: (وما ابرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)(11).
7 ـ أن يكون بينهما شبه كمال الإنقطاع، بأن تسبق الجملة جملتان، بينهما وبين الاولى مناسبة، ويفسد المعنى لو عطفت على الثانية، فيترك العطف، دفعا لتوهم كونها معطوفة على الثانية، كقوله:
فـ(أراها) يفسد لو عطف على مظنون سلمى ولذا يترك العطف.
8 ـ أن تكون الجملتان متوسطة بين الكمالين مع قيام المانع من العطف، بأن تكون بينهما رابطة قوية، ولكن منع من العطف مانع: وهو عدم قصد التشريك في الحكم، قال تعالى: (وإذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون الله يستهزىء بهم)(12).
فجملة (الله يستهزىء بهم) لايصح عطفها على جملة (إنا معكم) لاقتضاء العطف أنه من مقول المنافقين، والحال أنه دعاء عليهم من الله.
كما أنه لا يصح عطفها على جملة (قالوا) لاقتضاء العطف مشاركتها لها في التقييد بالظرف، وان استهزاء الله بهم مقيد بحال خلوهم إلى شياطينهم، والحال أن استهزاء الله غير مقيد بهذه الحال، ولذا يلزم الفصل دون الوصل.
واعلم: أن مباحث هذا الباب مغلقة كثيرة، والبسط في المطولات.
1 ـ التوبة: 119.
2 ـ فصلت: 34.
3 ـ أي لايكون من البلاغة.
4 ـ الانفطار: 13ـ14.
5 ـ النساء: 36.
6 ـ هود: 54.
7 ـ الحج: 25.
8 ـ الشعراء: 132-133.
9 ـ طه: 120.
10 ـ البقرة: 8-9.
11 ـ يوسف: 53.
12 ـ البقرة: 14 ـ 15.
حيث فرغنا عن الخبر، فلنتكلم في الانشاء:
فـ (الانشاء) لغة: هو االايجاد.
وفي الاصطلاح: ما لا يحتمل صدقا ولا كذبا، كالامر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها، فإنك إذا قلت: (اللهم ارحمني) لا يصح أن يقال لك: صادق أو كاذب، نعم يصح ذلك بالنسبة الى الخبر الضمني المستفاد من الكلام، وهو انك طالب للمغفرة.
والانشاء ينقسم إلى (طلبي) و(غير طلبي).
فا لانشاء غير الطلبي: ما لايستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، وهو على أقسام:
1 ـ المدح والذم، ويكونان بـ (نعم) و(حبذا) و(ساء) و(بئس) و(لاحبذا)، نحو: (نعم الرجل زيد) و(وبئست المرأة هند).
2 ـ العقود، سواء كانت بلفظ الماضي، نحو: (بعت) و(وهبت) أم بغيره، نحو: (امرأتي طالق) و(عبدي حر).
3 ـ القسم، سواء كان بالواو أو بغيرها، نحو: (والله) و(لعمرك).
4 ـ التعجب، ويأتي قياسا بصيغة (ما أفعله) و(أفعل به) نحو): (ما أحسن عليا) و(أكرم بالحسين) وسماعا بغيرهما، نحو: (كيف تكفرون بالله)(1).
5 ـ الرجاء، ويأتي بـ (عسى) و(حرى) و(اخلولق) نحو: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(2).
والانشاء الطلبي: هو الذي يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ـ حسب اعتقاد المتكلم ـ وهو المبحوث عنه في علم المعاني لما فيه من اللطائف البلاغية، وانواعه خمسة:
الأول: الامر، وهو طلب حصول الفعل من المخاطب على سبيل الاستعلاء، وهو اما:
1 – بفعل الامر نحو: (اقم الصلاة لدلوك الشمس)(3).
2 – أو بالمضارع المجزوم بلام الأمر نحو: (وليتق الله ربه)(4) ومثله الجملة نحو:(يعيد الصلاة)(5).
3 – أو باسم فعل الامر نحو: (عليكم أنفسكم)(6).
4 – أو بالمصدر النائب عن فعل الأمر: نحو: (ذهابا الى بيت الله).
قالوا: وقد تخرج صيغة الامر: عن معناها الاصلي ـ المتقدم ـ فيراد منها أحد المعاني الآتية بالقرينة، لكن الظاهر أنها مستعملة في معناها، وانما تختلف الدواعي، وتحقيقه في الاصول(7).
1 ـ الدعاء، نحو: (رب أوزعني أن أشكر نعمتك)(8).
2 ـ الإلتماس، نحو: (اذهب الى الدار) تقوله لمن يساويك.
3 ـ الارشاد، نحو: (اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه)(9).
4 ـ التهديد، نحو: (اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير)(10).
5 ـ التعجيز، نحو: (فأتوا بسورة من مثله)(11).
6 ـ الاباحة، نحو: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)(12).
7 ـ التسوية، نحو: (اصبروا أو لا تصبروا)(13).
8 ـ الإكرام، نحو: (ادخلوها بسلام آمنين)(14).
9 ـ الإمتنان، نحو: (فكلوا مما رزقكم الله)(15).
10 ـ الاهانة، نحو: (كونوا حجارة أو حديدا)(16).
11 ـ الدوام، نحو: (اهدنا الصراط المستقيم)(17).
12 ـ التمني، كقوله: (ألا أيها الليل الطويل الا انجلي..).
13 ـ الاعتبار، نحو: (انظروا إلى ثمره إذا أثمر)(18).
14 ـ الاذن، نحو قولك: (ادخل) لمن طرق الباب.
15 ـ التكوين، نحو قوله تعالى: (كن فيكون)(19).
16 ـ التخيير، نحو: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(20).
17 ـ التأديب، نحو: (كل ما بين يديك) لمن يأكل من الاطراف.
18 ـ التعجب، نحو: (انظر كيف ضربوا لك الأمثال)(21).
الثاني: النهي، وهو طلب المتكلم من المخاطب الكف عن الفعل، على سبيل الاستعلاء.
وهو أما:
1 ـ بصيغة المضارع المدخول عليها اللا، كقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل..)(22).
2 ـ أو بالجملة الدالة على ذلك، كقولك: (حرام أن تفعل كذا).
قالوا: وقد يستفاد من النهي معان أخر مجازا بالقرينة، على ما يلي:
1 – الدعاء كقوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)(23).
2 – الالتماس، كقولك لاخيك: (لا تفعل خلاف رضاي).
3 – الارشاد كقوله تعلى: (ولا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)(24).
4 – الدوام، كقوله تعالى: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون)(25).
5 – بيان العاقبة، كقوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا)(26).
6 – التيئيس، كقوله تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم)(27).
7 – التمني، كقولك: (يا شمس لا تغربي).
8 – التهديد، كقولك لولدك مهددا: (لا تذهب إلى مجالس البطالين)
9 – الكراهة، نحو (لا تشتم الريحان في يوم الصوم).
10 – التوبيخ، كقوله: (لا تنه عن خلق وتأتي مثله).
11 – الايناس، كقوله تعالى: (لا تحزن)(28).
12 – التحقير، كقوله: (دع المكارم لا ترحل لبغيتها..).
الثالث: الاستفهام، وهو طلب الفهم، فيما يكون المستفهم عنه مجهولا لدى المتكلم، وقد يكون لغير ذلك كما سيأتي، ويقع الاستفهام بهذه الادوات:
1 ـ الهمزة كقوله تعالى: (أراغب أنت عن آلهتي)(29).
2 ـ هل، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون)(30).
3 ـ ما، كقوله تعالى: (أماذا كنتم تعملون)(31).
4 ـ من، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا)(32).
5 ـ أيان، كقوله تعالى: (يسئلون أيان يوم الدين)(33).
6 ـ أين، كقوله تعالى: (أين شركاؤكم..)(34).
7 ـ كيف، كقوله تعالى: (كيف تكفرون بالله..)(35).
8 ـ انى، كقوله تعالى: (اني يحيى هذه الله بعد موتها)(36).
9 ـ كم، كقوله تعالى: (كم لبثتم في الارض عدد سنين)(37).
10 ـ أي، كقوله تعالى: (أي الفريقين خير مقاما)(38).
تنقسم أدوات الإستفهام إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ ما يطلب به التصور.
2 ـ ما يطلب به التصديق.
3 ـ ما يطلب به التصور مرة، والتصديق اخرى.
والتصور، هو ادراك المفرد، بمعنى أن لا يكون هناك نسبة، فـ (زيد) و(عمرو) و(القرآن) و(الله).. ونحوها كلها مفرد، فهي تصورات.
والتصديق: هو ادراك النسبة، أي نسبة الفعل الى فاعله أو المبتدأ الى خبره، فـ (زيد قائم) و(الله عالم)(39) و(محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي).. ونحوها كلها نسبة، فهي تصديقات.
وجملة القول:
ان العلم ان كان اذاعانا للنسبة فتصديق، والا فتصور.
والتصديق كما يكون في الاثبات، نحو (محمد عادل) كذلك يكون في النفي، نحو (خالد فاسق).
من أدوات الاستفهام الهمزة، وهي مشتركة، فتأتي تارة لطلب التصور، وأخرى لطلب التصديق.
1- أما ما كان لطلب التصور، فيلي الهمزة المسئوول عنه، والسؤال حينئذ عن المفرد لا النسبة بمعنى: أن السائل يعلم بالنسبة، وانما لا يعلم شيئا من اطرافها.
مثلا يعلم: أنه وقع فعل ما، لكن لا يعرف المسند، أو المسند اليه، أو المفعول، أو الحال، أو الظرف، أو الصفة.. أو نحوها.
ففي نحو: (ضرب زيد عمرا، الفاسق، راكبا، في الصحراء) يقع المجهول بعد همزة الاستفهام.
فتقول في الجهل بالفعل: (أضربه أم قتله)؟
وتقول في الجهل بالفاعل: (أزيد الضارب أم بكر)؟
وتقول في الجهل بالمفعول: (أعمرا المضروب أم محمدا)
وتقول في الجهل بالصفة: (أعمرا الفاسق أم التاجر)؟
وتقول في الجهل بالحال: (أراكبا كان زيد أم راجلا)؟
وتقول فيي الجهل بالظرف: (أفي الصحراء أم في البلد)؟
وهكذا..
وقد علم من هذه الامثلة: ان النسبة معلومة، وانما المجهول مفرد من المفردات.
2 ـ وأما ما كان لطلب التصديق، فالهمزة تدخل على الجملة، والسؤال يقع عن النسبة، كقولك: (أجاء زيد؟) فيما لم تعلم بالمجيء.
ثم ان الغالب أن يؤتى للهمزة التي لطلب التصور بمعادل، كما عرفت في الامثلة: من معادلة (أم) للهمزة.
بخلاف طلب التصديق فلا يؤتى للهمزة بمعادل، كما تقدم في المثال.
ثم أن جواب الهمزة التي لطلب التصور: تعيين أحد الشقين:
فتقول في السؤال الاول: (ضربه).
وتقول في السؤال الثاني: (زيد).
وتقول في السؤال الثالث: (عمرا).
وهكذا…
بخلاف الهمزة التي لطلب التصديق، فالجواب: (نعم) أو (لا).
من أدوات الاستفهام: هل، وهي مختصة بطلب التصديق، فيراد بها معرفة وقوع النسبة وعدم وقوعها، ولذا لا يذكر معها معادل، كما يكون جوابها: (نعم) أو (لا).
تقول: (هل قام زيد)؟
والجواب: (نعم) أو: (لا).
وتنقسم هل الى:
1 ـ بسيطة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: وجود الشيء وعدمه، كما تقول: (هل العنقاء موجودة)؟
2 ـ مركبة، وهي أن يكون المستفهم عنه بها: صفة زائدة على الوجود، كما تقول: (هل الخفاش يبصر)؟
بقية أدوات الاستفهام موضوعة لطلب التصور فقط، فيقع السؤال عن معناها.
1 ـ فـ (ما): موضوعة للاستفهام عن غير العقلاء، ويطلب بها احد امور ثلاثة:
الأول: ايضاح الاسم، مثلا يقال: (ما الفدوكس)؟ فيقال في الجواب: (أسد).
الثاني: بيان حقيقة الشيء، مثلا يقال: (ما الاسد)؟ فيقال في الجواب: (حيوان مفترس).
الثالث: بيان صفة الشيء، مثلا يقال: (ما الحيوان)؟ فيقال في الجواب: (حساس متحرك بالارادة).
وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه عليها، وهي: أن السؤال عن شيء حسب ترتيبه العقلي هكذا:
الف ـ السؤال بـ (ما) الشارحة، تقول: (ما هي الذكاء)؟ فيقال: (الشمس).
ب- السؤال بـ (هل) البسيطة، تقول: (هل الشمس موجودة)؟ فيقال: (نعم).
ج- السؤال بـ (ما) الحقيقية، تقول (ماهي الشمس)؟ فيقال: (جرم علوي مضيء..).
د- السؤال بـ (هل المركبة)، تقول: (هل الشمس أصل الكون)؟ فيقال: (لا).
وذلك لان الانسان يطلب أولا معنى اللفظ، ثم وجوده، ثم حقيقته، ثم صفاته وخصوصياته.
2 ـ و(من): موضوعة للاستفهام عن العقلاء، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا)؟(40) وقد ينعكس، فتستعمل (ما) للعاقل، و(من) لغيره.
3 ـ و(متى): موضوعه للاستفهام عن الزمان، مستقبلا كان أم ماضيا، نحو: (متى خلف رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم) عليا عليه السلام و(متى يظهر الحجة عليه السلام)؟
4 ـ و(أيان): موضوعة للاستفهام عن زمان المستقبل فقط، قال تعالى: (يسئل أيان يوم القيامة)؟ (41).
5 ـ و(كيف): موضـــوعــــة للاستفـــهام عن الحال، قــــال تعالى: (فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)؟(42).
6 ـ و(اين): موضوعة للاستفهام عن المكان، قال تعالى: (أين شركاؤكم)؟ (43).
7 ـ و(أتى): موضوعة الاستفهام، وتأتي بمعنى:
الف ـ كيف، كقوله تعالى: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها)؟ (44).
ب – وبمعنى من أين، كقوله تعالى: (يا مريم أنى لك هذا)؟ (45).
ج- وبمعنى متى، تقول: (زره أنى شئت؟).
8 ـ و(كم): موضوعة للاستفهام عن عدد مبهم، كقوله تعالى: كم لبثتم في الارض عدد سنين) (46).
9 ـ و(أي) موضوعة للإستفهام عن تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما: شخصا، أو زمانا أو مكانا، أو حالا، أو عددا، عاقلا أو غيره، قال تعالى: (أي الفريقين خير مقاما)؟ (47).
قالوا: وقد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معناها الاصلي: وهو طلب الفهم من الجهل، فيستفهم بها عن الشيء مع االعلم به لاغراض أخرى، وأهمها أمور:
1 – الامر، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون)؟ (48)أي انتهوا.
2 – النهي، كقوله تعالى: (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه) (49). أي لا تخشوهم.
3 – التسوية، كقوله تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم)؟ (50).
4 – النفي، كقوله تعالى: (هل جزاء الاحسان الا الاحسان)؟ (51).
5 – الانكار، كقوله تعالى:(أغير الله تدعون)؟ (52).
6 – التشويق، كقوله تعالى:(هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم)؟ (53).
7 – الاستئناس، كقوله تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى)؟ (54).
8 – التقرير، كقوله تعالى:(ألم نشرح لك صدرك)؟ (55).
9 – التهويل، كقوله تعالى: (وما أدراك ما الحاقة)؟ (56).
10 – الإستبعاد، كقوله تعالى: (أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين)؟(57).
11 – التعظيم كقوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)؟ (58).
12 – التحقير، كقوله تعالى: (أهذا الذي يذكر آلهتكم)؟ (59).
13 ـ التعجب، كقوله تعالى: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام)؟ (60).
14 ـ التهكم، كقوله تعالى: (أصلاتك تأمرك أن نترك ما كان يعبد آباؤنا)؟ (61).
15 – الوعيد، كقوله تعالى:(ألم تر كيف فعل ربك بعباد)؟ (62).
16 – الاستبطاء، كقوله تعالى:(متى نصر الله)؟ (63).
17 – التنبيه على الخطأ، كقوله تعالى:(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟(64).
18 – التنبيه على ضلال الطريق، كقوله تعالى: (فأين تذهبون)؟ (65).
19 – التحسر، كقوله تعالى: (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني الى النار)؟ (66).
20 – التكثير، كقوله: (أهذا الخلق يحشر في القيامة).
الرابع(67): التمني، وهو طلب المحبوب الذي لا يرجى حصوله، لاستحالته عقلا أو شرعا أو عادة، كقولك: (ليت الشباب لنا يعود) و(ليت السواك كان واجبا) وقوله تعالى: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون)(68).
والفرق بين التمني والترجي ـ كما ذكروا ـ: أن التمني يأتي فيما لا يرجى حصوله، ممكنا كان أم ممتنعا، والترجي فيما يرجى حصوله.
ويستعمل للترجي ـ غالبا ـ (عسى) و(لعل) قال الله تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)(69) وقال سبحانه: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)(70).
قالوا: وللتمني أدوات أخرى تستعمل فيه مجازا، مثل:
(هل): قال تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا)؟ (71).
و (لو): قال تعالى: (فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين)(72).
و (لعل) كقول الشاعر:
وقد ينعكس فيؤتى بـ (ليت) مكان (لعل)، قال تعالى: (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا)(73) للتندم، وقال الشاعر:
النداء
الخامس: النداء، وهو طلب توجه المخاطب الى المتكلم بحرف يفيد معنى: (انادي).
وحروف النداء:
1 ـ الهمزة: قال الشاعر: (أسكان نعمان الاراك تيقنوا…).
2 ـ يا: قال تعالى: (ياأيها النبي اتق الله…)(74).
3 ـ أي: قال الشاعر: (أيها السائل عنهم وعني…).
4 ـ أ: كقوله: (أسيد القوم أني لست متكلا…).
5 ـ أي: كقوله: (أي رب قو المسلمين فإنهم…).
6 ـ أيا: كقوله: (أيا من لست أنساه…).
7 ـ هيا: كقوله: (… ويقول من فرح: هيا ربا).
8 ـ وا: كقوله: (فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص…).
ثم انهم اختلفوا في هذه الحروف، والمرجح: أن (الهمزة) و(أي) لنداء القريب، والباقي لنداء البعيد.
وقد يجعل للقريب سائر الادوات اشارة إلى انحطاط مرتبته فلا يليق بالتكلم معه عن قريب، أو ارتفاع مرتبته فشأنه أجل من أن يتكلم عن قرب، أو لكونه كالبعيد، كالنائم والغافل..
كما أنه ربما يجعل للبعيد أدوات القريب، اشارة إلى أنه في نفس المتكلم فهو كالقريب، أو لتنزيل القرب المعنوي منزلة القرب المكاني..
قالوا: وربما يؤتى بحرف النداء لغرض آخر، وأهم الاغراض:
1 ـ الإستغاثة، كقوله: (يا لقومي ويا لأمثال قومي..).
2 ـ الاغراء، كقوله: (يا من رميت ألا تنهض إلى الثار…).
3 ـ الندبة، كقوله: (يا حسينا قتلته الأشقياء…).
4 ـ الزجر، كقوله: (أفؤادي متى المتاب؟…).
5 ـ التعجب، كقوله: (يا أيها المجنون كيف تفلسف؟…).
6 ـ التضجر وإظهار الحزن، كقوله: (أيا منزل الاحباب أين الاحبة؟…).
7 ـ التذكر، كقوله: (ذكرتك يا معهد المسلمين…).
8 ـ الاختصاص، وهو كالنداء من غير ياء، فيؤتى بالضمير ثم باسم ظاهر يبينه، نحو قوله تعالى: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت أنه حميد مجيد)(75) ونحو قوله (صلى الله عليه آله وسلم): (انا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)(76).
يوضع الخبر موضع الإنشاء لاغراض:
1 ـ التفأل، كقوله: (عافاك ربك من بليتك التي…) وكقوله: (وفقك الله) و(أصلحك الله).
2 ـ الإحتراز عن إتيان الشيء بصورة الأمر، تأدبا ونحوه، كقوله: (ينظر سيدي إلى مقالي..).
3 ـ التنبيه على سهولة الأمر لتوفر شروطه، كقوله: (تأخذون بنواصي القوم وتنزلونهم من صياصيهم…).
4 ـ المبالغة في الطلب تأكيدا، كقوله: (لا تضربون وجوه الناس بالعمد..) لم يقل: (لا تضربوا) مبالغة في النهي حتى كأنهم امتثلوا النهي فأخبر عن امتثالهم.
5 ـ إظهار الرغبة في الشيء، كقوله: (شفعني الله محمدا وآله).
وقد ينعكس الامر فيوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض:
1 ـ اظهار العناية بالشيء والإهتمام به، كقوله تعالى: (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد…)(77) والأصل: وإقامة وجوهكم.. لكنه لعظيم خطر الصلاة اوتي في صورة الانشاء.
2 ـ التأدب بالنسبة إلى عظيم لئلا يساويه غيره في سوق الكلام، كقوله تعالى: (قال اني اشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون…)(78) لم يقل: واشهدكم.. لئلا يتشابه الإستشهادان.