كلنا نعاني ما تعانينه أختي الفاضلة في الصيف مع طفلك والقرآن الحقيقة الطفل يجب أن يحظى بشيء يتذوق حلاوته؛ لنتمكن من مساومته عليه ويحتاج لحزم. لا يمكن أن نكون طوال العام مع أطفالنا جفاة غلاظا بعيدين عنهم لا علاقة لنا بهم سوى مجموعة الأوامر والانتقادات والحبس للمذاكرة والإكراه لهم على فعل ما يكرهون وترك ما يحبون… ثم نتوقع أن نقول لهم هلم للحفظ فيأتوا راغبين محبين!!
البداية:
قبل أي شيء طبعا عليك بالدعاء؛ بل الابتهال والتضرع إلى الله؛ فالتربية شاقة إلا على من يسر الله عليه
والهدف من التربية في البداية هو أن يكون الأطفال على طريق الجادة ساعين إلى الله تعالى راغبين في مرضاته وأن يكونوا في ميزان حسناتك يوم القيامة وأن تقر عينك بهم في الدنيا والآخرة علماء عاملين من الصالحين من أهل الجنة: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} [الفرقان: 74].
ابدئي باللعب معهم وجذبهم إلى عالمك احكي لهم قصصا ذات أهداف تربوية قصصا تتحدث عن الولد المهذب الذي يحفظ القرآن والولد السيئ الذي لا يحب الحفظ احكي لهم قصة عداوة الشيطان مع آدم – عليه السلام وأن الشيطان يغيظه جدا أن يصلي الإنسان ويطيع الله – عز وجل – ويحفظ القرآن؛ هذا وضع يحفز الطفل ويرسم له صورة عن الشكل الجميل الذي يهدف الوصول إليه كما يجعله في حالة عناد صحية مع الشيطان لا معك أنت فبهذا تفرغين طاقة العناد السلبية التي يشعر بها أنه مستقل في طريق صحيح.
يجب أيضا أن تحرصي على قراءة القرآن بصوت عال أمامهم الطفل بطبعه سيترك ما يفعل ويأتي ليتطلع لك بفضول ويحاول أن يشغلك عن قراءتك انتهزي الفرصة؛ لتبيني له أهداف حفظ القرآن وقراءته ومحبته.
بعد خطوة التقرب إلى الأبناء وحكاية القصص واللعب المميز والهادف الذي يجذبهم إلى عالمك أنت – ابدئي في وضع جدول معهم الآن نريد أن نحفظ القرآن؛ لندخل الجنة ونغيظ الشيطان ونثبت له أننا لن ندخل معه النار انظر يا بني! الآن الشيطان سيبكي كمدا وغيظا؛ لأنك تحفظ لأنك من أهل القرآن. ضعي الجدول معهم والتزمي به جدا تارة بالحزم والإصرار وتارة بالإغراء والهدايا اجعلي وقت القرآن وقتا لطيفا لا تجعليه وقت ضيق ونكد.
إذا تمكنت من إلحاقهم بدار للتحفيظ؛ فهذا سيخفف عنك بعض العبء ويجعلك تتفرغين للتحفيز والتشجيع والتربية واعلمي أنك لن تتمكني من فعل كل شيء وما لا يدرك كله لا يترك كله.
إن شعرت أنك تريدين أن تكوني لهم أنت معلمة القرآن فلا بأس على أن يكون هناك من يرفع عنك بعض أعباء البيت مثلا أهم شيء أن تكون علاقتك بأبنائك طيبة جدا وأن يكون وقت القرآن وقت سعادة وتواصل بينك وبين أبنائك.
كوني حازمة في مسألة تضييع الوقت:
– لا مشاهدة للكرتون إلا بعد الانتهاء من الحفظ (ليس ثوابا وعقابا لكن ترتيبا للوقت).
– يجب أن يكون واضحا لأولادك أن الأمور مرتبة جدا في ذهنك وأنك لديك أهداف.
– اليوم ليس لنجلس طوال النهار أمام الشاشة ننظر إلى صور متحركة تربي هي أولادنا عوضا عنا!
– الرسوم المتحركة الإسلامية فيها جزء تربوي نعم… فليكن هذا ضمن خطتك إذا انتهينا من الأنشطة اليومية الخاصة بنا من ألعاب هادفة ممتعة تنمي المهارات وقصص لطيفة تربوية وقصص من السير وحفظنا الورد اليومي – لا بأس بعد ذلك أن نحصل على بعض الترفيه من خلال البرامج أو الرسوم المتحركة الهادفة.
– احترسي من الرسوم المتحركة التي تبث أفكارا مخالفة.
– احترسي من أن ينصت ابنك للأغاني والموسيقى بدعوى أنه طفل؛ هذا يشتت الطفل ويجعله مبلبلا كما أن القرآن لن يجتمع مع الغناء في قلب الطفل أبدا علميه أن هذا لا يجوز وأن هذا لا يحبه الله وأن هذا هو طريق الشيطان؛ ليضل الناس. القصص توصل المعلومة بصورة جيدة.
– علقي جدولا فيه الصلوات والسلوكيات التي ترغبين فيها وكم الحفظ الذي يناسب كل طفل من يقوم بما عليه يعطى علامة صح أمام الخانة آخر الأسبوع هناك مكافأة لمن امتلأت خاناته بالعلامات الطيبة مع تعليق نجمة آخر الشهر شهادة تقدير واحتفال مثلا.
– من حق الطفل الذي حاز أكبر علامات في يوم معين أن يختار نوع الطعام اليومي مثلا أو نوع الحلوى أو الفاكهة.
– من حق الطفل الذي حاز أكبر علامات في الأسبوع مثلا أن يختار مكان النزهة.
ثواب وعقاب:
– لابد من قصص الأنبياء أو السيرة أو الصحابة قبل النوم مع التركيز على أهمية طاعة الله وأن من يطيع الله تحفه الملائكة ويحبه الله تعالى ويكفيه الشرور وأن من يعصي الله تعالى يعاقبه الله ويسعد الشيطان؛ لأنه استطاع غوايته.
– ركزي على الأذكار في كل حين مع أولادك؛ ليتعلموا الذكر وعلميهم الاستعانة بالله والدعاء.
– امدحي طفلك وأظهري فخرك بما يفعل من الأشياء التي تريدينه أن يفعلها (القرآن مثلا) لابد من المديح للفعل لا للفاعل؛ يعني أحسنت أنك فعلت كذا وكذا هذا فعل طيب يفعله الطيبون.
– انتقدي التصرف الخاطئ بهدوء ووبخي طفلك بغير إهانة لشخصه مع إظهار ضيقك من السلوك وحددي نوع العقاب الذي سيترتب عليه تكراره لهذا السلوك السيئ في حالة التكرار نفذي العقاب بمنتهى الحزم دون تعصب ولا غضب مع إظهار استيائك الشديد مما فعله الطفل لاحظي: استياؤك من الفعل لا من الفاعل أنا غاضبة لأنك فعلت كذا هذا سلوك سيئ لا يناسب الأطفال الطيبين ليس هذا سلوك أهل القرآن.
– لا تحاولي إصلاح كل العيوب دفعة واحدة ركزي على سلوك معين.
إذا حفظ الطفل ورده يمكنك أن ترفعي عنه عقابا معينا:
– أنت معاقب بكذا؛ لأنك فعلت كذا أليس كذلك؟
– بلى!
– لأنك حفظت وردك وكنت من أهل القرآن؛ سأرفع عنك هذا العقاب وأثق أنك لن تكرر الخطأ مرة أخرى؛ لأن أهل القرآن لا يفعلون هذا!
قدوة القرآن:
– اربطي كل فعل حسن بأنه فعل أهل القرآن وكل فعل سيئ أنه لا يليق بأهل القرآن.
– كوني أنت قدوة طيبة لأولادك.
– ركزي في قصصك التي تحكينها لأولادك على سلوكيات أهل القرآن وأعمالهم ومحبتهم لكتاب الله وطاعتهم له وحفظهم له وما لهم يوم القيامة من الكرامة.
– اجعلي محور حياة أبنائك ومحور حياتك أنت قبلهم هو القرآن.
– واعلمي أن الإسلام كل لا يتجزأ فلا تأخذي حكما وتتركي آخر بدعوى تغير العصر وحاجة الأولاد إلى الترفيه! الترفيه المباح هو خير عون لك على تربية أولادك أما الترفيه المحرم من مسلسلات وأفلام وموسيقى وخلافه – فلن يزيد على أن يشتت الأولاد ويجعلهم يتساءلون في حيرة: كيف اجتمع هذا وذاك؟! وإن كان مباحا لأمنا أن تختار وتبيح لنا بعض المحرمات فلماذا لا تسمح لنا نحن أيضا بالاختيار؟!
وطبعا ستكون اختياراتهم تبعا لهواهم وعند سن المراهقة سيكون الأمر أصعب! فالإسلام ليس محل اختيار لك أو لأولادك.
وما جعل الله فيه سعة من مباحات بالتأكيد هو خير من كل ما حرمه علينا وبه تكون النفس سوية أما دعوى أن الطفل لن يصير سويا إن لم يستمع للغناء والموسيقى وتستحلين له محرمات أخرى؛ فهي دعوى باطلة من الأساس؛ فالذي خلق الطفل هو الأعلم بالصالح له.
فابحثي عن ترفيه حلال والإسلام فيه فسحة وسعة وأظهري لأولادك هذا وأنك تتحرين الحلال؛ هذا سيصير لهم سلوكا في كل شؤونهم بالقدوة الطيبة!
وأظهري لهم أنك لا تفعلين كذا؛ لأن الله تعالى لا يحبه وأنك تحبين الله وتحبين رضاه وتخشينه وتخشين غضبه.
أظهري هذا وكرريه واحكي لهم قصصا عن هذا السلوك كثيرا.
ختاما:
وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعل أولادنا من حملة الكتاب والسنة العاملين بشرائع الإسلام وأن يحسن أخلاقهم.
هذا وما كان من حق فمنة وفضل من الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالى ورسوله منه براء وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ينقل