تخطى إلى المحتوى

نظرة الى معنى العنف الاسري 2024

كثير من الباحثين يعرفون العنف على أنه أعمال تلحق إساءة أو أذى بالغير بدنيا كان أو أو نفسيا، ويذهب هؤلاء الباحثون إلى محاولة حصر الأعمال التي تعتبر من قبيل العنف كالضرب والشتم والركل والحبس والقتل ونحوه
وفي الحقيقة فإن هذه التعريفات من وجهة الشريعة الإسلامية فيها نظر، لأن العنف معناه أدق من ذلك بكثير، ففي اللغة العربية وكما جاء في لسان العرب للعلامة ابن منظور فإن العنف يعني: قلة الرفق، وبحسبه يكون الشخص عنيفا إذا لم يكن رفيقا في أمره، فالعنف مجرد عدم الرفق وهو ما يفارق كثيرا إلحاق الأذى أو الإساءة بالآخرين.. فالفرق بينهما شاسع، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" بيان واضح لذلك، فالحديث يبين أن العنف هو عكس الرفق، حتى إن العرب قديما كانوا يسمون من لا يحسن ركوب الخيل عنيفا لا لأنه يلحق بها أذى وإنما لمجرد أنه لا يكون معها رفيقا في طريقة ركوبه عليها، وقد قال الشاعر : لم يركبوا الخيل إلا بعدما هرموا

فهم ثقال على أكتافها عنف

وعلى ذلك نقول إن العنف في الأصل ليس هو الإساءة أو الأذى فقط وليس هو أفعالا أو أقوالا محددة يمكن تصنيفها وتعميمها على أنها مفردات دالة على العنف دون غيرها، وإنما العنف وصف يقوم في فعل أو قول فيجعل منه عنيفا، حتى وإن كان ذلك الفعل أو القول ليس دالا في حقيقته على العنف.. مثلا يمكنك أن تقول لشخص ما (تفضل) بصوت هادئ، ويمكنك أن تقول له ذات الكلمة بصراخ فيكون تصرفك عنيفا مع أن الكلمة في حد ذاتها لا تدل على العنف! ولننظر إلى قول الله تعالى الموجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والذي يمدح فيه الرب سبحانه وتعالى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه مع مخالفيه بلين ورفق بعيدا عن الفظاظة والغلظة (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القول لانفضوا من حولك).

علينا إذا أن نفصل بين العنف وبين الإساءة والأذية، لأن العنف كما قلنا وصف قد يتصف به أي عمل بينما الإساءة أو الأذية هي نتيجة تقع غالبا جراء أعمال عنيفة ولكنها أيضا قد لا تقع، فمن الناس من اعتاد على التعامل العنيف ولا يجد غضاضة في قبوله والرضى به، ومن الناس من يدبر لغيره عملا عنيفا لكن يفشل في إيقاعه، وأيضا قد لا ينطوي العمل العنيف لظرف ما على النتيجة المرجوة منه، ولكنه مع كل ذلك يبقى في وجهة نظر الإسلام أمرا خاطئا وغير مقبول بل منهي عنه، والنهي تعلق بمجرد العمل سواء أدى إلى نتيجته السلبية أو لم يؤد.. ونحن إذا أخذنا بهذا المعنى الدقيق للعنف نستطيع أن نوسع نطاق دائرة نبذ العنف ومنعه لنكون ضد أي عمل عنيف ونسهم في جعل وتيرة قياس العنف حساسة أكثر فتتناول أي شدة أو غلظة في أي فعل أو قول حتى وإن لم تؤد إلى الإساءة وحتى وإن لم يشعر من وجه إليه ذلك بأي نوع من الأذية، لأننا نريد أن نجعل من العنف حدا ممنوع التخطي سواء أدى إلى إساءة أم لم يؤد، وذلك لا شك سيعمل على ترسيخ قيم المودة والرفق والإحسان في المجتمع، وهو ما يدعو إليه الدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول "حرمت النار على كل هين لين سهل"، وأمر في حديث آخر بصراحة بالبعد عن أي عنف تجاه الغير فقال "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يشتمه"، بل إنه صلى الله عليه وسلم أمر بعدم مقابلة العنف بمثله إن وقع بل أوجب على المسلم أن يبقى على صفة الاعتدال والرفق مع أخيه في مواجهة موقفه العنيف منه فقال موصيا "أعط من حرمك وصل من قطعك وأحسن لمن ظلمك" وفي هذا منتهى معاني الرفق والفضيلة، ولننظر إلى القرآن الكريم الذي يرسخ تلك المعاني في مجتمع المسلمين فيستنكر مجرد رفع الصوت في مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما كان أمرا سائدا ومتقبلا بين الناس، فأراد القرآن أن ينهى الناس عن ذلك السوك الخاطئ الذي اعتادوا عليه قبل إسلامهم فقال تعالى (يا أيها الذبين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)، والمتفحص للآيات القرآن الكريم يلحظ سمو مستوى الرفق الذي يريده الدين ودقة مستوى العنف الذي ينهى عنه، فانظر مثلا إلى نهي القرآن عن قول "أف" للوالدين، مع أنه عبارة عن كلمة واحدة من حرفين لكنها تعبر عن إيذاء فاعتبرت عنفا لا يصح مخاطبة الوالدين صاحبي الفضل به، وإذا نهى القرآن الكريم عن مجرد هذه الكلمة الصغيرة فإن النهي يكون أشد بالضرورة عما هو أكبر منها ليشمل كل ما قد يسيء للوالدين.

أما الإساءات والأذيات المادية والمعنوية من ضرب وقتل واغتصاب وجرح وهدر للأخلاق وتجاوز للذوق العام وانتهاك المشاعر وغير ذلك فهي ليست مجرد عنف بل هي جرائم بالمعنى الحرفي حتى وإن حدثت داخل الأسرة، بل قد يكون لوقوعها داخل الأسرة من أحد أعضائها وقع أكبر وتأثير أبلغ لأن الأسر بنيت على المودة والمرحمة كما قال الله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وبالتالي فيجب أن تكون الأسر أبعد ما يمكن عن العنف والجريمة، ولذلك فما يقع من عنف بين أفراد الأسرة مرفوض ابتداء فإن أفضى إلى ضرر مادي أو معنوي فإنه يخرج من نطاق وصفه عنف فحسب ويدخل في نطاق الجريمة ويجب إذ ذاك فالتعامل معه على أنه جريمة تستوجب العقوبة لأن الإسلام رفض الضرر والضرار من أي كان وعلى أي كان وإن تلبس بلبوس التأديب والتوجيه والقوامة والإدارة، وقد تعامل الإسلام مع المعتدي حتى وإن كان ذلك هو الأب رب الأسرة مثلا بحزم وصرامة، وقد أفتى علماء المسلمين في الأب الذي يجنى على أحد من عائلته على أنه مجرم فعلا وعليه أن يعاقب، بحيث يأمر القاضي بأخذ الدية ممن قتل ابنه أو كسر عضوا من أعضائه ليدفعها إلى أهل القتيل الذين هم هنا أبناء الرجل إخوة الإبن المقتول وأمه فيدفع الرجل لأبنائه ولزوجته دية ولده المجني عليه، لأن الذمة المالية في الإسلام هي شأن مستقل ثبت لكل فرد من أفراد الأسرة

انتظر ردوووودكم على الموضوووووووع

موضوع رائع للغاية

اشكرك عالنقل الطيب

مودتي ..

يسلمو خيتو على الررررررررررد
يعطيك الف عافيه على الموضوع الجدا رائع

يسلمووووووو

تقبلي مروري وانتضر جديدك

يسلمو خيتو انا نزلت موضوعي الجديد قلبو الله معك
يسلمووو حياتي
العفووووووو ماقصرتو على الردووووووود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.