نماذج من صور الصابون الطبيعي المنعش الذي صنعته في الأعوام السابقة
د . عدنان جواد الطعمة
وقبل الكتابة عن طريقتي لصناعة الصابون الطبيعي المنعش مع الأعشاب وخلاصة الزهور
و الأعشاب، لابد لي أن أستعرض هذه المقدمة التاريخي الموجزة عن بداية صناعة الصابون في العالم و تطورها .
بدأ الإنسان بإستعمال الصابون منذ أكثر من أربعة آلاف سنة في بلاد وادي الرافدين ، العراق الحبيب ،
حيث ذكرت نصوص على ألواح الطين المكتوبة بالكتابة المسمارية بأن السومريين هم أول من صنعوا و استعملوا الصابون في دلتا ما بين النهرين الفرات و دجلة .
كانت مادة الصابون التي استعملها السومريون عبارة عن معجون الصابون .
وبعد السومريين صنع قدماء المصريين الصابون و كتبوا وصفات لصناعة الصابون على أوراق البردي .
لم تكن لدى السومريين و المصريين و الإغريق الذين صنعوا الصابون معرفة بالكيمياء أي أنهم لم يعلموا أن صناعة الصابون لها علاقة بالكيمياء .
و بدون تفاعل كيميائي لا يمكن صناعة الصابون ، لعل هذه الأقوام تعرفت بالصدفة أو من خلال الخبرات و التجارب على صناعة الصابون .
أثبتت كافة أنواع الصابون التي صنعها السومريون و المصريون و الإغريق أنها كانت صالحة و كافية لنظافة الجسم .
و كان العرب في القرنين السابع و الثامن للميلاد من أشهر الأمم التي كانت تجيد صناعة الصابون في أسبانيا، و من أسبانيا انتشرت صناعة الصابون إلى البلدان الأوروبية .
و في هذه المرحلة انتشرت رسوم و مخططات و وصفات لصناعة الصابون في أوروبا .
طور الأوروبيون في الفترة الواقعة ما بين القرن التاسع و القرن الثاني عشر طرق و أساليب صناعة الصابون ، خاصة في المدن و البلدان الوقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط و خصوصا إيطاليا و اسبانيا و فرنسا .
و أول مرة قام الرجال باستعمال الصابون للحلاقة في سنة 1225 ، حيث كانت قطعة الصابون صلبة و ثمينة جدا .
إكتشف نيكولاس ليبلانك Nikolas Leblanc طريقة حديثة لإنتاج و صناعة كميات كبيرة من الصابون ، حيث استخدم محاليل قلوية ( قاعدية ) مركزة جدا والتي صنعها من الرماد بطرق صعبة .
أما الصابون الذي يصنع باليد ، فإنه لا يحتوي على مواد كيمياوية حافظة .
سبق لي أن عملت في قسم الكيمياء بكلية التربية التابعة لجامعة بغداد كمحضر كيمياوي و مسؤول عن مخازن الكيمياء لمدة تقريبا 16 سنة .
كانت لي معلومات علمية بدائية عن الصابون ، لأني أنهيت الدراسة الثانوية في الفرع العلمي و ليس الأدبي .
طرأت على بالي في عام 1985 فكرة بأن أصنع صابون غسيل سائلي للصحون و أغراض التنظيف
المنزلية و كذلك صابون للحلاقة و شامبو لغسيل الشعر و الجسم وكذلك الصابون الطبيعي بنوعيه .
ومن حسن الصدف اكتشفت في مدينتنا محلا تجاريا خاصا بالتجميل يتاجر بالمواد الأولية السائلة لصناعة هذه الأنواع الثلاثة للصابون أي للغسيل و الإستحمام و الحلاقة .
إشتريت كتبا و مجلات ألمانية وقمت بدراستها جيدا ، ثم نقلت عنها بعض الوصفات الخاصة بكل نوع من الصابون و كتبت أسماء و كميات المواد المطلوبة لكل وصفة .
و بعد شرائي للمواد كلها بدأت بصناعة كافة أنواع الصابون بكميات كافية ثم قمت بصناعة أنواع
جديدة و أضفت إليها أنواعا من الأعشاب التي جمعتها من الحدائق والمزارع والحقول وجففتها
وكذلك شراء العطور وخلاصة الأعشاب والزهور المختلفة والزيوت المتنوعة كزيت السمسم والزيتون والأفوكادو وجوز الهند و زيت النخيل Palm Oel وحتى الفواكه ، لمدة أكثر من ثلاث سنوات .
و بعد ذلك توقفت عن صناعة الصابون بسبب انشغالي بالعمل و البحوث العلمية المختلفة و كتابة عدة كتب و الترجمة و السفر و غير ذلك من الأمور ، فلم يتوفر لدي الوقت الكافي لإعادة صناعة الصابون .
قرأت في المواقع و المدونة العربية عام 2024 موضوع صناعة صابون الغار ( الرقي ، الرگي الذي نطلق عليه نحن العراقيون ) الذي جلب انتباهي .
إتصلت بمعامل صناعة صابون الغار في حلب و دمشق و كتبت لهم عدة رسائل و اتصلت ببعضهم
هاتفيا و عبر المسنجر طالبا منهم إرسال لي وصفة عن كيفية صناعة صابون الغار بكمية قليلة للإستعمال الخاص و ليس للمتاجرة .
حيث كتب لي في حينه أحد الإخوان و قال لي بأنه سيبعث لي طردا يحتوي على أكثر من عشرين قطعة صابون تكفينا لعدة سنوات ، بدلا من أن تخاطر في صناعة الصابون .
أجبته يا أخي أريد أن أصنع صابون طبيعي لي و لزوجتي للإستعمال الخاص أرجوك أن تكتب لي وصفة لكمية صغيرة لا تتعدى خمسة ألتار من زيت الزيتون .
كما اتصلت بأحد الإخوان و كلمته هاتفيا فقال لي أنه سيبعث لي ثلاث وصفات
ولترين من مادة يستوردها من إيطاليا تستخدم مع زيت الزيتون ، و قلت له سأدفع لك كافة التكاليف حال وصول البضاعة و الوصفات .
وكتبت لي إحدى قارئاتي من الأخوات الفلسطينيات بأن أمها أو جدتها تصنع صابون غار ممتاز عدة مرات في السنة و عندما تسافر إلى لبنان أو الأردن فإنها ستكتب الوصفة و ترسلها لي عبر الإيميل .
لا أريد هنا الإطالة ، فلم يف أحد من الإخوة و حتى الأخت بوعودهم ، سامحهم الله ، و انتظرت ثلاثة أشهر ، و قررت التوكل على الله و الإعتماد على نفسي .
بدأت بدراسة صناعة الصابون من خلال الكتب الألمانية مرة أخرى عام 2024 و كتبت أسماء
الشركات السويسرية والنمساوية والألمانية التي تجهز المواد الأولية لصناعة الصابون و مواد الزينة .
عملت مختبرا خاصا في منزلنا أي في مطبخي الشرقي و جهزت نفسي بكل الوسائل الواقية
و الأدوات من النظارات والصدرية والقفاز وغطاءا للوجه واقيا من الأبخرة المتصاعدة .
ثم بدأت بصناعة كافة أنواع الصابون الصلب مستخدما المواد الطبيعية و الأعشاب التي جففتها
و خلاصة الأعشاب و كذلك مختلف العطور و الروائح .
صنعت نوعين اساسيين من الصابون :
1 – صابون الغار ( الرقي ، الرگي ) إستخدمت زيت الزيتون و زيوت و أعشاب مختلفة و عطور المسك و العنبر وماء الورد و الخزامى و الليمون و البابونج و المرامية و العسل و الكاكاو
و الأفوكادو و اليانسون و النعناع و أنواعا غيرها مع الصودا الكاوية و مواد أخرى
2 – صابون الغليسرين مع الأعشاب و العطور و الروائح ، و باشكال و ألوان متنوعة زاهية .
لازلت أحتفظ بكمية جيدة من صابون الغار والأفوكادو وجوز الهند وزيت النخيل وزيت الزيتون كما ستشاهدونها في مجموعة الصور .
تجدون طيا صور نماذج من أنواع الصابون ، فكأنها تشبة الكيك أو الكعكة .
قمت بزيارة إحدى العوائل السورية في مدينتنا و أهديت لها عدة أنواع من الصابون ، قدم ولدهم
الأكبر إلينا و شاهد هذه الأنواع من الصابون و سأل أباه من جاء بهذا الكيك أو الكعك الجميل ، فضحكنا .
لا يوجد شيئ يخص حياتنا المنزلية و الشخصية لا يمكن صناعته أو تحقيقة إذا رغب المرء القيام
بصناعته و توفرت لديه الرغبة و المواد الأولية و الكتب و المراجع الخاصة ، و أهمها الإرادة و الصبر
و الدقة .
قبلوا مني فائق ودي و تقديري
د . عدنان
المانيا في 12 يناير 2024