الذي أدمنت أفيونه دول العالم الثالث , الخضوع الذي يأتي عقب الأمر مهما كان
ذلك الأمر, كمايدق الجرس على الفور وراء ضغط الزر واتصال التيار
ولكم أحببت الذي يقول :لا في وجه من قالوا:نعم , واستطاع الخلاص من العدم
والطاعة بعض سجايا الناس , وما الطاعة الا الخضوع. وكذا المقاومة والرفض
من بعض تلك السجايا والشيم .خلقان متعارضان متكاملان . ولم يخلق شيء عبثا
كالغضب والحلم, خلق كلاهما ليمارسهما الانسان. أما أن يخضع الانسان دائما
فصفة تتنافى مع طبيعة النفس البشرية.
وفي المرأة . أحب المرأة التي تقول:لا . وتقول:نعم. ولا أحب المرأة التي تقول:نعم
دائما لأنها تعين على الظلم . ولا التي تقول دائما:لا. لأن هذا ينافي الواقع ,فمن
طبائع بعض الاشياء أن تقبل , ومن طبائع بعضها أن ترفض.
والمواطن وهذا بيت القصيد, لا أجد في مواقف الخضوع التي أكره مثل كراهيتي
خضوع المواطن . الخضوع المتصل المستمر الذي تعوده صاحبه حتى نسي
ما الرفض , جرى لسانه سهلا بنعم , وتعثر بلا . فهذا الذي ينطبق عليه قول
الفرزدق: ما قال لا قط الا في تشهده*** لولا التشهد كانت لاؤه نعم
ولكن في غير هذا المعنى الجميل الاصيل الذي عناه الشاعر , وما أحسب أن
مواطنا كهذا يتشهد أبدا الا أن يستعين بالله عند عجزه .
وأنظر في الأمم فأجد أكثرها فهما وعلما وتقدما تلك التي سبقت في التاريخ
فقالت: لا ثم لا.. ثم لا..
غير أن نعم ليست سيئة دائما فقد تأتي في مواضع الفخر ولاعتزاز يقول الشاعر:
لاتقولن إذا مالم ترد*** أن تتم الوعد في شيء نعم
حسن قول نعم من بعد لا
وقبيح قول لا بعد نعم
إن لا بعد نعم فاحشة
فبلا فبدأ إذا خفت الندم
التوقيع :