( 2 )
نقوش و زخارف من الجص في صالة المستراح
د . عدنان جواد الطعمة
باب الروضة
لقد كتب المؤرخون و الكتاب العرب و الأجانب الكثير من الكتب و المقالات عن غرناطة و قصر الحمراء و المدن الأندلسية الأخرى بعدة لغات و لدي عدة كتب بالألمانية و العربية عنها . و ألفت قصائد كثيرة عن غرناطة أذكر واحدة منها فقط للمرحوم الشاعر الكبير نزار قباني :
غرناطة
نزار قباني
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في جحريهما
تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها
قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة
في تينـك العينين.. بعد رقاد
ساحة الأسود
وأمـية راياتـها مرفوعـة
وجيـادها موصـولة بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيـدة سـمراء من أحفادي
وجه دمشـقي رأيت خـلاله
أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة
كانـت بها أمي تمد وسـادي
نافورة الأسود
واليـاسمينة رصعـت بنجومها
والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها
في شعـرك المنساب ..نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي
ما زال مختـزنا شمـوس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائها
في الفل، في الريحـان، في الكباد
قبة قاعة الأختين
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها
كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها
مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها
والزركشات على السقوف تنادي
داخل صالة الملوك أو قاعة لندرجة
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا
فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟ ومسحت جرحا نـازفا
ومسحت جرحا ثانيـا بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها
رجلا يسمـى "طـارق بن زياد"
نقوش و زخارف خشبية على سقف صالة العرش
إكتشاف عظيم رائع لنظام سقي حدائق جنة العريف و تزويد القصر بالمياه العذبة :
قرأت في أحد الكتب الذي اشتريته من مدينة غرناطة عام 1981 باللغة الألمانية خبرا عن تقرير السفير الإيطالي أندريه نافاجيرو Andrea Navaggiero الذي قام بزيارة مدينة غرناطة بعد سقوطها بثلاين سنة ، حيث وصف سرا عجيبا كان مخفيا عن نظام الري و سقي حدائق جنة العريف و تزويد قصر الحمراء بالمياه العذبة في العصر العربي الزاهر.
الجهة اليسرى من جنة العريف
وفي مقطع من تقريره أعطى السفير الإيطالي السيد أندريه نافاجيرو عرضا و افيا و تصورات عما كانت حدائق قصر الحمراء جنينة بصورتها الأصلية الحقيقية ، قائلا :
جنة العريف
" حتى هواء القاعات و الصالات و الغرف الداخلية وكل الأمكنة للقصر كان عذبا لطيفا باردا من رذاذ نافورات جنة العريف المتطاير منعشا و مريحا ، بحيث أصبحت الإقامة في جنة العريف في الصيف مثالية ورائعة .
جانب آخر من جنة العريف
و في إحدى الساحات المظللة بالأشجار ومن ناحية فن تصميم الحدائق كان بالإمكان بقبضة يد توجيه المياه للتدفق إلى القنوات و الأنابيب بحيث يرتفع مستوى المياه إلى اقدام الضيوف و الزائرين من خلال تدفق المياه من نافورات لا تعد و لا تحصى باتجاه السماء بحيث كانت تلطف الهواء وتبرده . و نفس النظام التقني للري و السقي المخفي كان يمهد ايضا و بدون تعب و عناء إعادة المياه إلى الأحواض و خزاناتها الأصلية .
و في مرتفع عال في الحديقة يشاهد المرء درجات و سلما عريضا في مساحة خضراء . وهناك يجد المرء صخرة كبيرة أو حجرا كبيرا معينا الذي هو مفتاح لنظام مياه القصر و سقي حدائقه . ومن هنا يستطيع المرء توجيه و إيصال المياه و حسب الرغبة إلى القنوات و الأنابيب المختلفة .
نقوش من السيراميك في قاعة السفراء
و للسلم أو الدرجات و أمام عدد من الدرجات شرفة أرضية صغيرة و في وسطها حوض الذي يجمع و يخزن المياه . و الحجر الكبير الموجود في الأعلى يغلق درجات السلم المثقوبة من الجانبين ، بحيث تشكل القنوات التي تجري المياه من خلالها " .
كتابات جدارية من الجص و نقوش من السيراميك على جدار ساحة الرياحين أو البركة
إن نشر السفير الإيطالي تقريره هذا عن سر نظام الري و السقي و تزويد قصر الحمراء بالمياه ، يبين لنا مهارة العرب و المسلمين في نظام الري و سقي الحدائق و البساتين و المدن سابقا.
قصر الحمراء وجنة العريف
حاولت البحث عن التقرير في ماكنة البحث و عن مؤلفات السفير الإيطالي ، إلا أني وجدت معظمها بالإيطالية و الأسبانية فتعذر علي العثور على التقرير الكامل باللغتين الألمانية أو الإنكليزية .
و بسقوط غرناطة ضاعت علينا مئات الآلاف من المخطوطات و الوثاق و المخططات الهندسية و المعمارية و التقنية لقصور الحمراء .
سقف مقصورة صالون الملكة
جانب من حدائق جنة العريف
تقبلوا مني فائق ودي واحترامي
د .عدنان
ألمانيا في 8 سبتمبر 2024