تخطى إلى المحتوى

رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك 2024

السلام عليكم
عدت اليكم برواية اخرى للكاتبة ابتسامة ملاك
راح نزل بارتيين وراح كمل اذا لقيت ردود محمسة
وانشاء الله تعجبكم ^.^


مقدمة:

تمضي الأيام لتحل مكانها أيام أخرى.. ليكبر الصغير.. ويشيب الكبير.. لتكبر الأحلام ومعها تزداد فرصة تحقيق الأمنيات..
هل حلمت يوما بامتلاك منزل كبير؟.. أو حتى فكرت بالحصول على سيارة من أحدث طراز..ما الذي منعك من تحقيق هذه الأمنيات؟.. أو ما الذي يمنعك الآن؟.. تكاسل ام خيبة امل.. ام هو يا ترى الشعور بان الأحلام لا تتحقق..
من قال هذا؟..جميع الناس على هذه الأرض الواسعة لا تكف عن التمني..وبالعزم والاصرار..حققوا ما يحلمون به ويصبون إليه منذ ان كانوا صغارا..
هي تمنت وحلمت.. ومع الايام كبر معها حلمها هذا..
هو تمنى أيضا.. وكان يطمح بتحقيق حلمه هذا..
لكن أشياء كثيرة كانت تقف حائلا بينهما؟.. أشياء منعتهما من تحقيق هذا الحلم الجميل..التي ترفرف حوله العصافير..عصافير الحب….


*الجزء الاول *
(هل هي وظيفة أحلامها؟)

ابتسامة مليئة بالسعادة شملت وجه تلك الفتاة وهي تدلف الى منزلها وتهتف قائلة بفرح: أبــــــــي.. أمـــــــي..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت باستغراب: لم تصرخين هكذا يا (وعــــد)؟..
قالت وعد بابتسامة واسعة وسعيدة وهي تلوح بكفيها: لقد تم قبولي في الوظيفة..
ابتسمت والدتها وقالت : هذا سيريحنا من سماع صوت صراخك أخيرا..
قالت وعد باستنكار : أمي.. ماذا تقولين..
ابتسمت والدتها وقالت وهي تعود لتدلف الى المطبخ: لا عليك.. مبارك يا وعد..
ابتسمت وعد قائلة: أجل هذا ما كان يجب عليك قوله منذ البداية..
لحظة واحدة.. لنخرج من سياق القصة قليلا وأعرفكم بهذه الفتاة..

اسمها وعد..فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها..ذات شعر كستنائي ينسدل على كتفيها بنعومة.. وعينان عسليتان واسعتان..بشرتها بيضاء صافية.. وملامحها الملائكية.. تزيد من جمالها..

وعد فتاة مليئة بالمرح والحيوية..متفائلة .. اجتماعية ..وتكره الوحدة والانعزال.. تحب الحياة .. محبة للجميع..والجميع يحبها..لم تعرف معنا للكره في حياتها.. ولكنها عنيدة ومتمردة..اغلب الأوقات.. مكابرة رافضة للاستسلام مهما حدث.. ابتسامتها ومرحها يجعلانها أشبه بالأطفال..
لنعد الى القصة مجددا.. ها هي ذي وعد تهز كتفيها وتتوجه نحو الدرج الذي يقود الى حيث غرفتها.. حين سمعت صوتا يأتي من خلفها وصاحبه يقول: صحفية.. أليس كذلك؟
التفت الى صاحب الصوت وقالت وهي تعقد ساعديها امام صدرها : بلى هذا صحيح يا (هشـــام)..
قال مبتسما: ما الذي يدفعهم لتوظيف فاقدوا الأهلية في الصحف..
رفعت حاجبيها وقالت: أنا يا هشام .. حسنا سترى ايها الاحمق..
وأردفت قائلة: ثم ما الذي جاء بك الى هنا؟..
هز كتفيه وقال: دعوة من عمي لتناول الغداء انا وعائلتي في منزله..
قالت ساخرة: لكني لا أرى سواك هنا..
قال بهدوء: ذلك لأني كنت قريبا من المنزل بعد انتهاء فترة عملي..
تريدون ان تعلموا من هو هشام اليس كذلك؟ خصوصا مع اسلوبه المبسط مع وعد..

حسنا هشام شاب في السادسة والعشرين من عمره .. ابن عم وعد..طموح ومثابر ..مرح ولكنه هادئ نوعا ما..وهو أفضل من يقدم لك النصيحة فلديه أسلوب غريب للاقناع..قضى مع وعد اغلب ايام عمرهما..وهو يعمل مهندسا في احدى الشركات..

ملامحه تتسم بسمرة خفيفة ووسامة..ذا شعر بني قاتم يميل الى السواد وعينين من اللون ذاته..فارع القامة..المهم نعود مرة اخرى..
قالت وعد في تلك اللحظة: ولم تكون الأسبق للحضور الى هنا..ألم ترى غداءا في حياتك؟..
قال ساخرا: بلى شاهدت.. ولكني اليوم هنا حتى أنغص عليك وقتك..
قالت مبتسمة: وكيف هذا؟
قال مبتسما بدوره: سأمنعك من تناول طعام الغداء..
قالت بمرح: وتتناوله أنت أليس كذلك.. يا للجشع..
قال وهو يتصنع الجدية : أتظنين بأنني امزح.. كلا.. هيا اذهبي الى غرفتك .. لن تتناولي شيئا هذا اليوم..
قالت وهي تتطلع اليه باستخفاف: حقا أرعبتني كثيرا.. ابتعد عن طريقي والا ندمت..
عقد ساعديه امام صدره وقال وهو يتعمد الوقوف في وجهها: وإذا لم أفعل..
قالت بسخرية: ستحصل على هذا….
قالتها وركلت قدمه وأسرعت تجري مبتعدة عن المكان.. فهتف هشام بها قائلا: سأريك يا وعد..
ضحكت بمرح وهي تتجه الى المطبخ.. الى حيث والدتها التي قالت مبتسمة وهي تلتفت لها: ماذا جرى لك؟
قالت وابتسامتها المرحة لم تفارق شفتيها: لا شيء.. اخبريني يا أمي أتودين أي مساعدة؟..
اشارت والدتها الى الأطباق وقالت: أجل ضعيها على طاولة الطعام التي بالخارج..
حملت الأطباق بحذر واتجهت نحو الردهة.. حين سمعت صوت هشام يهتف بها: بامكاني دفعك حتى تسقطين أرضا وتتحطمين مع الاطباق ..
ابتسمت وقالت وهي تضع الاطباق على الطاولة وتستعد لتنظيمها: ويهون عليك ان تشوه هذا الجمال..
قال ساخرا: ربما تزدادين جمالا مع بعض الرضوض.. او ربما تتأدبين ولا تتطاولين على من هم أكبر منك سنا حينها..
قالت بأسف مصطنع: معذرة يا جدي لم اعني ركلك بقدمي.. ذلك فقط حتى لا تتحداني مرة أخرى..
قال وهو يلتقط أحد الأطباق: ماذا تعنين بقولك هذا.. تظنين انني سأصمت على ما فعلتيه..
– وماذا ستفعل اذا؟..
– هذا..
قالها وبكل برود رمى بالطبق ارضا..ليتحطم بدوي قوي وخصوصا مع أرضية الردهة الرخامية..فأغلقت وعد عينيها بقوة وقالت بحدة: أيها المجنون..
اما والدة وعد فقد خرجت من المطبخ وهي تقول بخوف: ماذا حدث؟..
قال هشام وهو يشير الى وعد: لقد كسرت طبقا وهي تحاول ان ترميه نحوي..
صاحت وعد قائلة: لا تكذب يا هشام..
والتفت الى والدتها لتقول: انه يكذب هو من رماه أرضا متعمدا..
قالت والدتها بعصبية: لابد وانكما قد جننتما.. هيا نظفي ما تحطم..
هتفت وعد قائلة: امي اقسم هو من رماه.. وهو من عليه ان ينظف ال…
قاطعتها والدتها بغضب: هذا يكفي.. هيا نظفي المكان قبل أن يصل عمك..
انحنت وعد نحو الارض لتلتقط القطع المحطمة من الطبق وقالت وهي تتطلع الى هشام بنظرات غاضبة وحانقة: كله بسببك..
ابتسم وقال: هذا حتى تتعلمي من أخطائك..
تطلعت اليه بنظرة احتقار.. في حين مضى هو عنها وابتسامة انتصار تعلوا شفتيه..وما ان انتهت من ازالة القطع المحطمة من الارض.. حتى ارتفع صوت رنين جرس الباب.. فنفضت يديها فبل ان تتوجه الى الباب وتفتحه .. واتسعت ابتسامتها وهي تقول مرحبة: اهلا بك يا (عماد).. مضى زمن طويل منذ أن رأيناك آخر مرة..
قال بابتسامة هادئة: ليس طويلا الى ذلك الحد..
فتحت الباب بشكل أكبر وقالت مبتسمة: نفضل الى الداخل..

(عماد .. ابن خال وعد.. في التاسعة والعشرين من عمره.. لم يتزوج بعد لانشغاله بالعمل في شركة والده.. يغلب عليه طابع الهدوء والرزانة.. ويبدوا أكبر من عمره بسبب طريقة تفكيره..وسيم نوعا ما)

قالت وعد في تلك اللحظة: هل جئت وحدك؟
قال في هدوء:والداي سيحضران بعد قليل..
قالت متسائلة: كيف هي أحوال العمل؟..
– على مايرام.. ماذا عنك؟..هل وجدت عملا؟..
قالت فجأة وكأنها قد تذكرت أمرا ما:صحيح نسيت أن أخبرك.. لقد وجدت وظيفة أخيرا..وقد تم قبولي فيها..
التفت لها وقال بابتسامة: مبارك يا وعد ..انت تستحقين الافضل دوما..
قالت بابتسامة مرحة: شكرا لك.. أخجلت تواضعي..
– وقد عملت في الصحافة كما كنت تطمحين.. صحيح؟..
أومأت برأسها وقالت: بلى فقد كانت هذه وظيفة أحلامي..
سألها قائلا: اين هي عمتي؟..
قالت وهي تشير الى المطبخ: كالعادة لا تبارح المطبخ ابدا..
قال في هدوء: عندما تتزوجين ستصبحين مثلها..
قالت في مرح: لا تجني علي أرجوك..لا أريد الزواج في حياتي وإذلال نفسي..
– انها سنة الحياة يا وعد..وأي فتاة لابد لها ان تتزوج يوما ما وتغادر منزل اهلها..
قالت مبتسمة: لا اظن ان هذا اليوم سيأتي قريبا..
كاد أن يهم بقول شيئا ما.. لكن وعد صاحت قائلة منادية والدتها: أمي لقد حضر عماد..
خرجت والدتها من المطبخ وقالت بابتسامة واسعة: عماد كيف حالك يا بني؟
توجه نحوها وقال: بخير..كيف حالك أنت وحال عمي؟
قالت مبتسمة: بخير..أخبرني أنت الم تفكر بالزواج بعد؟
قال مبتسما: لم؟.. ألديك عروسا لي؟..
تطلعت الى وعد وقالت بابتسامة حالمة: عروسك موجودة..
شعرت وعد بالاحراج وقالت في سرعة محاولة التهرب من الموضوع: سأذهب الى غرفتي عن اذنكما..
قالتها واسرعت تمضي الى الطابق الاعلى..في حين هزت والدتها رأسها وقالت: هذه الفتاة لن تكبر ابدا..
قال عماد في هدوء: الفتيات في سنها يشعرون بالحيوية وبالطاقة التي تجعلهم يبدون كالأطفال في تصرفاتهم..انه وضع طبيعي لكل فتاة في سنها..
قالت وهي تلتفت اليه: ولكن حقا.. الا تزال مصرا على عدم الزواج..
قال وهو يهز كتفيه: ما الذي يدعوني للعجلة؟
– وعد يا عماد لن تظل هكذا الى الابد.. إذ ربما يتقدم لها شاب وتقبل به.. او ربما تتعرف على أحدهم وتصر على الزواج به.. وعندها لن يمكننا فعل شيء سوى الرضوخ لمطلبها…ففي النهاية هذه هي حياتها.. وهي من تقرر من ترتبط به..
قال عماد في هدوء: اسمعيني يا عمتي.. أنا اعرف ان وعد لا تفكر بي كزوج المستقبل.. من جانبي فأنا اراها فتاة أحلام أي شاب.. ولكن هي لا تراني فارس احلامها..
قالت والدتها متسائلة: لو ناقشتها بالموضوع ووافقت على فكرة الزواج بك..هل ستتقدم لها حينها رسميا وتتزوجها..
قال مبتسما: بالتأكيد..وعد فتاة يتمناها أي شاب.. ولكن…
بتر عبارته وصمت فاستحثته والدة وعد قائلة: لكن ماذا؟
قال في هدوء: لا تفتحي معها الموضوع الآن دعيها تفرح بوظيفتها الجديدة.. لا اريد أن اكون سببا في ضيقها..
قالت باستنكار: أي كلام تقوله؟..الزواج بك اصبح يسبب الضيق.. يجب عليها أن ترقص من السعادة لأنها سترتبط بشاب مثلك..
قال عماد وهو يمسك بكتفها: ارجوك يا عمتي من أجلي..
قالت وهي تزفر باستسلام: كما تشاء..
*********
استبدلت وعد ملا بسها في سرعة وتطلعت الى نفسها في المرآة بعد أن انتهت..كانت ترتدي فستانا أزرقا بلون السماء الصافية..وربطة شعر من اللون ذاته..ربطت بها بعض من خصلاتها لتترك الباقي ينسدل على كتفيها..ولم تنسى ارتداء قلادة تحتوى على حجر كريم يشبه لون الفستان الى حد ما..وكادت أن ترتدي حلقها لولا ان سمعت طرقات على الباب..فتطلعت الى الباب بنظرة سريعة وقالت: من؟
جاءها صوت فتاة تقول: ومن غيري؟
اسرعت وعد تفتح الباب وقالت بسعادة: (فرح) هذه أنت..
قالت فرح مبتسمة وهي تدلف الى الداخل: أجل ..كيف حالك يا ايتها الصحفية المستقبلية؟..
قالت وعد بفخر: لم أعد كذلك..انني ومنذ الغد سأكون صحفية حالية..
قالت فرح بدهشة: أحقا ما تقولين؟
اومأت وعد برأسها وقالت بسعادة: اليوم تم قبولي في صحيفة الشرق (اسم وهمي)..
قالت فرح وهي تمسك بكفي وعد بسعادة: مبارك يا وعد..انا سعيدة لأجلك..
ضحكت وعد بمرح وقالت: وأنا كذلك..
سألتها فرح قائلة: اخبريني يا وعد هل شاهدت هشام؟
تبدلت ملامح وعد الى الحنق وقالت: اياك ان تتحدثي معي عن شقيقك هذا..
ضحكت فرح وقالت: ولم؟.. ما الذي حدث بينكما مؤخرا؟..
قالت وعد بضيق:اسأليه هو؟
– سأفعل ولكني لم اعثر عليه بالمنزل..
– أتمنى أن يكون قد رحل..
قالت فرح مبتسمة: لم تكرهين شقيقي؟


(فرح هي شقيقة هشام.. في الواحد والعشرين من العمر..مرحة ولطيفة..رقيقة المشاعر والاحاسيس..لكنها خجولة ومنطوية على نفسها ..جميلة بملامحها النقية الخالية من أي مستحضرات للتجميل..لون شعرها وعينيها بنيان وهي تشبه في ذلك هشام)

قالت وعد في سرعة: لا أكرهه.. ولكنه يغيظني بأفعاله..
قالت فرح فجأة: آه..نسيت أن أخبرك الغداء جاهز بالأسفل ولقد طلبوا مني أن أستدعيك..
قالت وعد بمرح: تستدعيني.. ومكثت معي.. فلنمضي قبل أن يرسلوا من يستدعيك أنت الاخرى..
قالتها وخرجت من الغرفة وتبعتها فرح ..وقالت هذه الاخيرة: لقد شاهدت عماد بالأسفل.. لقد جاء مبكرا اليوم على غير عادته..
قالت وعد مبتسمة: عماد دائما يأتي في موعده..
قالت فرح مبتسمة وهي تهبط مع وعد على درجات السلم:ما هذا ؟..مديح لعماد..وذم في هشام..كلا أنا لا اقبل..
( من هذا الذي يذمني؟)
قالها هشام وهو يتطلع اليهما من أسفل الدرج.. فقالت فرح مبتسمة: هشام.. اين كنت؟
قال بلامبالاة: ذهبت لأتمشى قليلا في الحديقة الخلفية.. لم تخبريني من هذا السخيف الذي كان يذمني؟
قالت وعد في حدة: أنا.. ماذا ستفعل؟
قال ساخرا: يبدوا وانك قد عرفت أخيرا قدر نفسك وانك فتاة سخيفة..
قالت بسخط: لم يطلب أحدهم رأيك..
قالت فرح مبتسمة: ما بالك يا وعد .. هشام يمزح معك..
قالت وعد بضيق: دمه ثقيل..ومزاحه سخيف..
مال نحوها هشام وقال مبتسما: هل غضبت مني حقا؟..انني امزح معك لا غير..انت الأعلم بمعزتك لدي..
التفت اليه وكادت ان تهم بقول شيئا ما ولكن ابتسامته اذابت الغضب التي تحمله بداخلها فلم تستطع الا ان تبتسم وتقول ولكن مع القليل من العناد:كلا لا أعلم .. وخصوصا وانك جعلتني انظف المكان بسبب ما فعلته انت..
قال وهو يغمز لها بعينه: لا عليك سأنظف أنا المنزل بأكمله في المرة القادمة..
قالت وابتسامتها تتسع: مع الحديقة الخارجية ايضا..
قال وهو يراها تمضي عنه: لا تحلمي كثيرا.. لقد كنت أمزح لا غير..
همست له فرح قائلة وهي تمضي الى جانبه: يبدوا وان وعد أنستك وجودنا..
قال مبتسما: اني اراك يوميا وبصراحة مللت من رؤية وجهك.. اما وعد فلا اراها الا يوم واحد في الاسبوع..
قالت بابتسامة خبيثة: مللت مني.. ام انها قد احتلت تفكيرك بالكامل.. حتى انك لم تعد ترانا..
قال بمكابرة: أي هراء تقولينه..
قالت بابتسامة وهي تميل نحوه: أقسم بأنك لا تحمل لها أي من المشاعر في قلبك..
هز كتفيه وقال:هذا طبيعي لأنها ابنة عمي..
– انت تعلم ما أعنيه فلا تتغابى يا….
(فرح هيا ..ما الذي يوقفك هناك؟)
كانت وعد هي ناطقة العبارة السابقة.. فقال هشام محاولا التهرب من الموضوع: هيا اذهبي اليها إنها تناديك..
قالت مبتسمة بخبث: سأذهب..إليها..
قالتها وتوجهت نحو طاولة الطعام التي اجتمعت حولها العائلة.

جلست هي الى جوار وعد والى جوار الأولى جلس عماد..وابتسم هشام بابتسامته المرحة المعتادة قائلا وهو يجلس على المقعد المواجه لوعد: بالتأكيد أعدت خالتي طبقي المفضل..
قالت وعد ساخرة: بلى..حساء الضفادع على يمينك..
ضحكت فرح وشاركتها وعد الضحك..في حين اكتفى عماد بابتسامة واسعة.. وبغتة تأوهت وعد .. فتوقفت فرح عن الضحك والتفت لها قائلة: ماذا بك؟
قالت وهي تطالع هشام بنظرة غاضبة: لا شيء ولكن احدهم لا يزال يود أن يجرب عينة أخرى من ركلاتي..
قالتها وهي تدوس على قدم هشام..الذي داس على قدمها منذ لحظات حتى يوقفها عن الضحك..فقال هشام مهددا: ستندمين يا وعد..
أخرجت له لسانها وقالت: لن يمكنك فعل شيء..
قالتها وضحكت بمرح.. فهتفت بها والدتها قائلة: تأدبي ياوعد..وكفاك ضحكا .. احترمي وجودك معنا..
احست وعد بالحنق .. خصوصا وهي ترى نفسها في موقف محرج امام الجميع..وقالت وهي تعبث في طبقها: حسنا..
في تلك اللحظة لم تنتبه وعد الى نظرات هشام المعلقة بها..والذي كان يتطلع اليها بنظرات تملؤها الحنان….
* * * * * *
ما ان انتهى عماد من تناول طعام الغداء…حتى قال: اعذرني يا عمي واعذريني أنت أيضا يا عمتي.. فعلي ان اغادر الآن..
قالت والدة وعد باستنكار: ماذا تقول يا عماد؟.. لم تأتي الى المنزل الا قبل ساعة..اننا لا نراك الا في هذا اليوم..
قال بابتسامة هادئة: معذرة يا عمتي.. ولكن لدي من الأعمال الكثير ولو أجلتها إلى الغد أيضا..فلن انهيها أبدا..
التفت اليه وعد وقالت باستنكار: صحيح يا عماد لا يزال الوقت مبكرا..
نهض من على مقعده وقال: ان الجلسة معكم لا تمل..ولكنه العمل الذي لا يرحم أحدا..
واردف مودعا: أراكم بخير الاسبوع القادم..الى اللقاء جميعا..
قال والد وعد: صحبتك السلامة يا بني..
غادر مكانه من على الطاولة وما ان مر الى جوار وعد حتى قال هامسا: كان بودي البقاء أكثر..
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تلتفت اليه.. وبادلها هو الابتسامة.. وهنا ظهرت علامات الضيق على وجه هشام.. وما ان غادر عماد المنزل حتى لم يتمالك هشام نفسه وقال بعصبية هامسة: ماذا قال لك؟
رفعت وعد حاجبيها بدهشة مصطنعة وقالت: من؟
قال بحدة: عماد..ومن غيره..
هزت كتفيها وقالت: ماذا قال؟..
انفعل قائلا: انا من يسألك..
تدارك نفسه عندما شاهد عيون الجميع تلتفت اليه وتتطلع له بدهشة.. فنهض من مكانه وقال: عن اذنكم..
قالها وغادر المكان .. فهمست فرح لوعد قائلة: لماذا تفعلين هذا؟..
ابتسمت وعد وقالت: وما شأنه هو بما قاله لي عماد..
قالت فرح بضيق: عندما ترينه راغبا في معرفة شيء عنك.. تصرين دوما على اللف والدوران..
قالت وعد بمرح وهي تنهض من مكانها: خصوصا مع شقيقك هذا..
وأردفت وهي تتطلع الى ساعتها: تعالي معي الى غرفتي.. اريد ان اريك شيئا..
قالت فرح باستغراب: شيء.. وما هو؟
ضحكت وعد وقالت: تعالي وسترينه بنفسك..
تبعتها فرح الى الطابق الاعلى وهي تدلف خلفها الى غرفة وعد..وهناك قالت فرح بحيرة: والآن ماذا؟
اشارت لها وعد بأن تتبعها الى النافذة وقالت مبتسمة: انظري..
تطلعت فرح من النافذة لتشاهد شقيقها هشام يتطلع الى نافذة غرفة وعد وما ان شاهدهما يتطلعان اليه عبرها.. حتى ابتعد متوجها الى الحديقة الخلفية للمنزل.. فقالت فرح بدهشة: أهذا ما كنت تريدين أن تريني اياه..
قالت وعد بابتسامة واسعة: بالتأكيد لا..لقد شاهدت شقيقك ذاك يخرج وهو غاضب وعلمت انه سيتطلع إلى نافذة غرفتي..
قالت فرح وهي تعقد حاجبيها: وهل هذا يدعو الى السخرية؟..
قالت وعد وهي ترفع حاجبيها بدهشة: من قال انني اسخر منه.. ولكني استغرب ما يفعله كل مرة عندما يغضب او يتظايق.. لا اراه الا يتطلع الى نافذة غرفتي من الحديقة..
قالت فرح وهي تمط شفتيها: أأنت بلهاء يا وعد؟
ضحكت وعد وقالت: ربما ..تعالي سأريك هذه الاوراق الخاصة بتوظيفي ..
– اتعلمين انك فتاة ذات مزاج رائق..
– انا هكذا .. حسنا يافرح.. كنت سأمنحك ما اشتريته لك وانا في طريقي الى هنا..
قالت فرح بابتسامة: احقا؟..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: لا تحلمي ..لن امنحك اياه.. انا ذات مزاج رائق عندما اطلب منك أن تشاركيني فرحتي..
قالت فرح وهي تقترب من وعد: كفاك دلالا واخبريني ..ماذا جلبت لي؟..
قالت وعد وهي تشيح بوجهها عنها: لا تحلمي.. لن اخبرك..فلتموتي قهرا..
– تبا لك يا وعد..سأريك..
ضحكت وعد وقالت: وماذا ستفعلين؟
قالت فرح بخبث: سأخبر هشام بأنك تتحدثين مع شاب على الهاتف..
قالت وعد مبتسمة: مع إنها إشاعة لكن أخبري والدي أفضل بألف مرة من إخباره هو.. لا استبعد أن يرميني انا والهاتف من النافذة..
قالت فرح وهي تتصنع التفكير: ويرميني انا خلفكما..
قالت وعد وابتسامتها تتسع: ويظل هو دون إصابات او حتى….
بترت وعد عبارتها اثر طرقات على الباب وتوجهت نحو الباب لتقول بصوت يغلب عليه الملل:من؟
جاءها صوت هشام يقول: انه أنا..
قالت وعد بابتسامة قبل أن تفتح الباب: ليتنا تحدثنا عن سيارة..
قالت فرح مبتسمة: أنا أفضل قلادة من الماس..
فتحت وعد الباب في تلك اللحظة وقالت وهي تتطلع الى هشام بملل: ماذا تريد؟
قال ساخرا: من قال انني جئت من أجل ان ارى وجهك المخيف.. لقد جئت لشقيقتي الفاتنة..
التفتت وعد الى ما خلفها وقالت: ايتها الفاتنة.. وحش كاسر يريدك على الباب..
قال هشام وهو يتطلع اليها: تأدبي يا وعد..
أخرجت له لسانها لتغيظه.. في حين قالت فرح وهي تتقدم منه: ما الامر يا هشام؟
– سنذهب الى المنزل..
قالت فرح بدهشة: بهذه السرعة؟؟
قال وهو يهز كتفيه: اريد العودة الى المنزل..ووالداك سيغادران الى احد محلات الأثاث ومنها الى المنزل.. لا يوجد أحد ليوصلك الى المنزل سواي..
قالت بضجر: لكن الساعة لم تتجاوز الخامسة.. ابقى يا هشام ساعة واحدة فقط..
قال مستهزئا: أحقا؟.. ساعة واحدة فقط.. كما تشائين يا سيدتي..ألا تريدين البقاء حتى الغد.. أفضل اليس كذلك؟
قالت مبتسمة: بلى أفضل بكثير..
هتف قائلا بحدة: هيا..احملي حقيبتك وسنمضي.. واياك والتفوه بكلمة زائدة..
قالت فرح بحنق وهي تعود لتدلف الى داخل غرفة وعد لتجلب حقيبتها: حاضر..
قالت وعد بحنق وهي تتطلع الى هشام: من تظن نفسك.. لم تصرخ في وجهها هكذا..
قال ببرود: أصمتي يا وعد وإلا علقتك على باب المنزل..
عقدت ساعديها امام صدرها وقالت: أحقا كيف؟ .. ارني.. اريد أن ارى قوتك يا ايها الملاكم..
أمسك بشعرها وشدها منه وهو يقول: ألا تصمتين؟
قالت وهي تبعد يده في خشونة: ابعد يدك يا هذا والا قطعتها لك..
قال هشام بحدة: ليس لدي البال الرائق للحديث معك والا كنت في عداد الموتى الآن و…
صاحت فرح مقاطعة اياهما: يكفي..يكفي.. ألا تشعران بالملل من كل تلك المشاجرات..
قال هشام مستفزا: ابدا..
التفتت فرح الى وعد وقالت: وأنت..ألا تأتين الى منزلنا.. لأن شقيقي التافـ….اعني العزيز.. يريد أخذي الى المنزل الآن..
قالت وعد وهي تلوح بكفها: اذهبي هيا.. تريديني ان آتي وشقيقك هذا هناك..
قال هشام وهو يرفع حاجبيه: ان كنت لا تعلمين لا ازال واقفا.. فلا تتحدثي عني بسوء..
قالت بلامبالاة: وهل أخشى منك أنا؟..
قالت فرح برجاء: وعد.. ارجوك.. لم نجلس معا الا قليلا..
قالت وعد مبتسمة: أعدك أن احضر ولكن ليس اليوم.. غدا اولى ايام بالعمل.. اريد تهيئة نفسي..
قال هشام ساخرا: تعني تريد تجهيز أي ملابس سترتدي.. واي حقيبة ستحمل..
قالت وعد متعمدة اغاظته: لا شأن لك..سأرتدي أكثر ملابسي روعة وأناقة..
– سيظنون انك ذاهبة الى حفلة.. لا تجعلي نفسك أضحوكة منذ اليوم الاول..
قالت وعد بغضب: اذهب فورا ايها المزعج.. لا اريد ان أراك هنا..
قال بسخرية اكبر: هذا الممر أملاك عامة..ليس من حقك طردي..
واردف بابتسامة وهو يميل نحوها: سأرحل كما ترغبين يا ايتها الجميلة..أراك الاسبوع القادم..
قالت بغرور: سأتغيب الاسبوع القادم عن الغداء..حتى اتخلص منك..
قالت فرح في تلك اللحظة بملل وهي تتثاءب: إذا أكملتما هذا المسلسل أخبراني..
ضحكت وعد وقالت: لن ينتهي ابدا.. فلا تتعلقي بآمال واهية..
ابتسم هشام وقال: هيا يا فرح ..
وهمس لوعد قائلا: لن ينتهي المسلسل الا بزواجنا..
دهشت وعد لوهلة ثم ما لبثت أن قالت وهي تعود الى داخل الغرفة: لا تحلم كثيرا.. فتصدق نفسك..
غادر هشام مع فرح المنزل ولم ينسى إلقاء نظرة أخيرة على نافذة الطابق العلوي.. نافذة غرفة وعد….


*الجزء الثاني*

(ماذا قد يحدث باليوم الأول لها؟)

ابتسمت وعد بشرود وهي تلمح الساعة التي كانت تشير عقاربها الى السابعة والنصف صباحا..اليوم هو اليوم الاول لها في عملها في جريدة الشرق.. ترى كيف سيكون هذا اليوم بالنسبة لها.. وأي انطباع ستأخذ عن مكان عملها..
يقولون ان الانطباع الأول هو أهم من أي انطباع قد يأخذه الشخص في أيام قادمة.. لأن الانطباع الاول يبقى في ذاكرة الشخص.. وبه يحدد إن كان هذا المكان جيدا ام لا..
كانت وعد في شدة أناقتها هذا اليوم..كانت تبدوا كالملاك وهي ترتدي ذلك البنطال الأبيض..وقميص ذا لون وردي هادئ.. يعلوه سترة بيضاء من النوع القصير.. وشعرها الكستنائي مرفوع بأكمله بربطة شعر وردية اللون.. إلا من خصلات تسقط على جبينها ووجنتيها بنعومة..
التقطت حقيبتها وهي تشعر بالتوتر ترى ما الذي ينتظرها هناك..اخذت نفسا عميقا لتشعر بالقليل من الراحة.. ورسمت ابتسامة على شفتيها وان لم يغب عنها التوتر..هبطت الى الطابق الأسفل وقالت بهدوء وهي تتوجه الى المطبخ حيث والدتها: أمي أنا ذاهبة الآن..
سألتها والدتها قائلة: هل تناولت افطارك؟
أومأت وعد برأسها وقالت: عن اذنك الآن يا أمي..فيتوجب أن اكون في الصحيفة بعد نصف ساعة..
قالت والدتها بابتسامة: صحبتك السلامة يا بنيتي..
ابتسمت وعد وهي تغادر المكان الى خارج المنزل..وتتوجه نحو سيارتها الحمراء..ولكن انعكاس في مرآة السيارة الجانبية جعلها تلتفت وتقول مبتسمة: هشام.. ماذا تفعل هنا منذ الصباح؟..
خفق قلب هشام.. وعد اليوم تبدوا جميلة.. وجميلة جدا ايضا.. انه يخشى عليها ان تذهب الى هناك وهي هكذا..لم ترتدي مثل هذه الملابس التي تزيد من جمالها وهي ذاهبة الى العمل؟..أكان ذلك متعمدا؟.. ام انها…
وقطع أفكاره وهو يقول متجاهلا سؤالها: ما هذا الذي ترتدينه؟
قالت بسخرية: بنطال وقميص ان لم تكن ترى..
صمت عنها لأنه ليس له سلطة في التحكم بها ولكنه مع هذا ابن عمها ولا يريدها أن تكون موضع لكل عين هناك..وقال في شيء من الحنق: عودي الى الداخل واستبدلي ملابسك..
ضحكت وقالت: في أحلامك..لقد بقيت ساعة كاملة وأنا اختار ملابسي..
قال وهو يبتسم بالرغم منه: انتبهي لنفسك.. واخبريني بما يحدث معك هناك..
قالت وهي تلوح بكفها: إن وجدت الوقت الكافي.. مع السلامة..
قال في سرعة: الا ترغبين ان أوصلك؟
– لدي سيارة ان لم تعد ترى هذا ايضا..
دلفت الى السيارة وانطلقت بها.. وعينا هشام اللتان تراقبها..وتتطلع اليها بابتعادها.. كانت تحمل حنان العالم كله..
* * * * * * * *
وصل عماد الى عمله في شركة والده قبيل وقت العمل بربع ساعة..وما ان فعل حتى رن هاتفه المحمول بغتة.. فتطلع الى الرقم قبل أن يجيبه قائلا: أجل يا أمي.. ما الامر؟
استمع الى والدته التي كانت تتحدث في موضوع ما جعله يشعر بالضيق ويضطر لأن ينهي المكالمة قائلا: حسنا .. حسنا .. سأرى الأمر عندما أعود.. أنا منشغل اليوم.. الى اللقاء..
اغلق الهاتف وهو يزفر بحدة .. لم هم يهتمون هكذا الى هذا الامر.. ان تزوج او لم بتزوج.. ان ظل عازبا ام لا.. هل تعدى سن الأربعين حتى يحدث كل هذا.. فليتركوه وشأنه..
والدته كانت تتحدث اليه عن احدى الفتيات التي تنوي أن تخطبها له..عن طريق احدى صديقاتها.. وهو لن يقبل بفتاة مادام لم يشعر نحوها بأية مشاعر.. لا يريد الزواج هكذا دون ان يكون له حتى العلم بشخصية هذه الفتاة..
انه يعترف بأنه معجب بوعد.. إعجاب بشخصها ليس الا..ولكنه لم يصل الى مرحلة ان يكون ما يحمله لها عبارة عن مشاعر قوية لا تنفصم..لكن لو كانت وعد توافق عليه كزوج.. هو سيقبل بالزواج بها.. لأنه يحمل لها الإعجاب.. ومع الوقت قد تتولد المشاعر بينهما..
كان هذا ما يشغل ذهن عماد وهو مستغرق بعمله..
ترى ما الذي يخبأه لك القدر يا عماد؟..
* * * * * *
ما ان وصلت وعد إلى مبنى الصحيفة.. حتى زاد توترها أضعافا..وخصوصا عندما وطأت قدماها ارض ذلك المبنى..وتطلعت الى المكان في شيء من الشرود.. هذا هو الطابق الأرضي ويحمل مكتب الاستقبال..ومقاعد للانتظار ودورات مياه..
توجهت بخطا ثابتة الى مكتب الاستقبال وسألت الموظف قائلة: من فضلك يا سيد.. في أي طابق توجد مكاتب الموظفين ؟
اجابها قائلا:بالطابق الثاني والثالث..اي قسم ترغبين بالذهاب اليه يا آنسة..
تحدثت وعد الى نفسها قائلة( وما أدراني انا..بأي قسم سأباشر عملي)
وأجا بته بارتباك: أظن انه قسم شؤون الموظفين..
كانت وعد تدرك ان هذا القسم مختص بتوظيف الايدي العاملة..ولهذا قد تعلم من هناك بمكان عملها..
وهنا اجابها الموظف قائلا: الطابق الثاني اذا..
شكرته وتوجهت نحو ركن المصاعد.. حيث استقلت واحدا الى الطابق الثاني وما ان وصل المصعد وخرجت منه الى الطابق حتى اصطدمت بها سيدة كانت تنوي الدخول الى المصعد وهي تحمل مجموعة من الاوراق.. وقالت تلك السيدة بلا مبالاة: معذرة..
واصلت السيدة طريقها الى داخل المصعد في حين استغربت وعد هذه الفوضى الحادثة بالطابق الثاني على عكس الطابق الأرضي الذي كان يتسم بالهدوء..شخص يدخل هنا ليخرج آخر من هناك.. وآخر يرسل أوراق الى مكتب.. ليحمل غيرها الى مكتب آخر..يبدوا ان هذا المكان سلسلة اعمال لا تنتهي.. ترى هل سأستطيع أن اندمج مع كل هذا..
سارت في طريقها بهدوء باحثة عن قسم شؤون الموظفين..وهي تدلف في احد الممرات لتتجه يمينا ومن ثم تبحث من جديد.. وأخيرا وجدته.. دلفت الى الداخل وسألت اول من وقعت عليه عيناها: من فضلك يا سيد..انا موظفة جديدة هنا.. اريد أن اعرف في أي قسم سأعمل..
التفت اليها وتتطلع اليها للحظة قبل ان يقول: بطاقتك الشخصية وقرار تعيينك هنا من فضلك..
سلمته ما يريد فبحث في سجلات الموظفين الجدد في سرعة قبل ان يقول: قسم الصفحة الرئيسية..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. ستكتب بالصفحة الاولى.. يا لي من محظوظة.. وقالت : شكرا لك..
اسرع يقول: ستجدينه بعد مكتبين من هنا..
أومأت برأسها وهي تبتعد عنه.. تطلعت الى المكاتب من حولها الى ان شاهدت القسم الذي تحدث عنه ذلك الموظف.. دلفت الى الداخل وشاهدت ثلاث مكاتب فقط.. مكتب تجلس عليه سيدة تبدوا في الثلاثين من العمر.. وآخر يجلس عليه شاب منهمك في عمله حتى انها لا تستطيع ان تلمح وجهه.. وآخر مكتب كان خاليا .. وان توجد عليه بعض الملفات والأوراق المبعثرة توحي بأنه لأحدهم..
عقدت حاجبيها.. إذا أين اجلس أنا؟.. توجهت نحو السيدة لتستفسر منها الأمر قائلة: من فضلك .. انا موظفة جديدة هنا واريد ان أسألك بشأن….
قاطعتها المرأة قائلة: لا شأن لي..اسألي الاستاذ (طارق)..
مطت وعد شفتيها وتوجهت الى ذلك الشاب الذي لم يرفع عينيه حتى ليرى من القادم وقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: من فضلك يا سيد.. لقد وظفت حديثا في هذا القسم وأريد أن أسأل اين هو المكتب الذي سأجلس عليه حتى أباشر عملي منه..
رفع رأسه عن مجموعة من الأوراق كان منهمكا بالعمل عليها.. وقال ببرود وهو يلتفت لها: وما شأني أنا..
توتر شديد أصاب وعد وهي تتطلع إلى هذا الشاب.. شعرت بجفاف حلقها واضطراب في أنفاسها ..ترى ما الذي حدث لي..


طارق

أكل هذا لأنه وسيم.. لا.. أقل ما يمكن أن يقال عنه هو أنه وسيم.. انه شديد الوسامة.. وخصوصا مع عينيه العسليتين اللتان تحملان برودا لم أرى مثيلا له..وشعره البني القاتم الذي يميل الى السواد..وملامحه الرجولية التي تشعر أي شخص يراه.. بحزمه وصرامته..

انتشلت نفسها من أفكارها ووجدت نفسها تقول بتوتر: ماذا تعني يا سيد؟.. اين أجلس أنا اذا؟..
عاد ليلتفت عنها ويقول: اسألي من قام بتوظيفك هنا..
عقدت حاجبيها وهي تتطلع إليه.. أيمزح.. ام انه لا يحمل نفسه عناء الاهتمام بأحد هنا..مغرور..كان هذا هو انطباع وعد الأول عن طارق هذا..
لم تعلم ما تفعله.. وهي واقفة مكانها غير عالمة الى أي مكان تذهب..وتطلعت الى المكتب الذي يجاور مكتب طارق والذي كان خاليا وقالت متحدثة الى طارق ببرود: حسنا.. هل يمكنني الجلوس على ذاك المكتب ريثما أجد حلا لهذا..
لم يجبها..ولم يهتم حتى بالإجابة.. فمطت شفتيها في حنق…اي شاب هو هذا.. أكثر برودا من الجليد نفسه..كيف يحتمله الموظفون هنا..
اتجهت لتجلس على المكتب الخال..أي يوم هو هذا.. لقد كنت سعيدة بالأمس على توظيفي في هذا المكان.. والآن أتمنى لو وظفت في أي مكان غير هذا.. انهم حتى لا يأبهون بأمر أي موظف جديد هنا..
شعرت بالملل وهي تتطلع الى ساعة معصمها بين حين وآخر.. ترى إلى متى سأظل جالسة هكذا.. ترقب الداخل والخارج..وتتطلع الى الجميع وهم يعملون ما عداها هي التي جالسة دون عمل أو…
قطع أفكارها صوت نغمة هاتفها المحمول وهو يعلن وصول رسالة.. تنهدت وهي تخرج هاتفها المحمول من حقيبتها وتتطلع إلى تلك الرسالة المرسلة من هشام..والتي كانت تقول..(ما هي آخر الأخبار؟)..
ارتسمت ابتسامة على شفتيها.. يظنها قد باشرت العمل الآن وتعلم بآخر أخبار العالم..لو يدرك انها لم تجد حتى مكتب لتجلس عليه ..
أرسلت له رسالة تقول..(قم بشراء الصحف..فلن اقوم بتسريب اية معلومات)..
وما ان فعلت حتى سمعت صوت أحد الأشخاص وهو يدلف الى القسم قائلا: لقد ظننت إنني قد استدعيت من قبل المدير حتى يخصم من راتبي لـتأخري بالأمس.. ولكن حمد لله كان أمرا مختلف تماما..لقد…
بتر عبارته عندما لمح وعد تجلس خلف مكتبه.. وقال مبتسما وهو يلتفت لها: عفوا.. من أنت يا آنسة؟
قالت في هدوء: موظفة جديدة هنا..ولا أعلم اين أجلس حتى..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: لا عليك.. لقد تم استدعائي من قبل المدير لأجل هذا الأمر تحديدا..
قالت متسائلة: من أجل إحضار مكتب لي؟..
ضحك وقال: كلا من أجل تدريبك على العمل هنا.. وإعطائك فكرة عن المبنى..
وأردف وهو يغمز بعينه: أما عن المكتب فلا تقلقي..سأرسل احدهم في إحضار مكتب لك..
ابتسمت وقالت: شكرا لك..
لوح بكفه وقال: لا داعي للشكر يا آنسة..
واردف مبتسما: مع انني استحقه..
اتسعت ابتسامتها بالرغم منها.. فقال ذلك الشاب وهو يميل نحوها: أعرفك بنفسي..أحمد فؤاد..صحفي واكتب بالصفحة الرئيسية..
وأردف متسائلا: وماذا عنك يا آنسة.. لم تعرفيني بنفسك..
نهضت من خلف المكتب وقالت : وعد عادل.. صحفية وأكتب بالصفحة الرئيسية ايضا..
مد يده مصافحا وقال مبتسما: تشرفنا..
صافحته بهدوء فأردف قائلا: هيا.. فأمامنا تدريب طويل..
أومأت برأسها وهي تلتقط حقيبتها من فوق المكتب.. وقبل أن تغادر معه.. القت نظرة مختلسة على طارق..ذلك الشاب البارد الذي استطاع ان يجذب انتباهها له..
* * * * * *
(اعملوا بجد أكبر..لن ننتهي من موقع البناء هذا ان بقيتم متقاعسين هكذا)
قالها هشام وهو يتحدث الى العمال الذين يقومون ببناء تلك العمارة في احدى المدن الكبرى بالدولة..وأردف وهو يضع كفه عند جبينه ليحمي عينيه من الشمس: أريد الانتهاء منها قبيل الشهران القادمان..لا اريد أي تقاعس..
جاءه احد العمال وقال وهو يلتقط نفسا عميقا: سيد هشام.. نحن بحاجة للمزيد من الاسمنت..
قال هشام وهو يعقد حاجبيه: أخبر المسئول عن هذا الامر بحاجتكم من مواد البناء..
قال العامل: لقد اخبرناه.. ولكنه يرفض..
– ولم؟
– يقول اننا نستخدم المواد بكميات كبيرة..بينما موقع البناء لا يحتاج الا لنصف هذه الكمية..
قال هشام في هدوء: سأرى الأمر وأتحدث الى المسئول بهذا الشأن..
وابتعد عن المكان ليتوجه الى سيارته..واتصل بالمسئول ليناقش معه الأمر..وما ان انتهى.. حتى أغلق هاتفه وقال بملل: يا له من شخص صعب المراس..
اسند رأسه الى مسند المقعد وهو يعود للتفكير.. ومحور تفكيره هو شخص واحد أو فتاة واحدة على الأحرى.. وعد.. ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه المشاعر تجاهك؟.. ما الذي يجذبني اليك؟..بماذا تختلفين عن باقي الفتيات؟..هل هو عنادك؟.. ام مرحك وحيويتك؟.. رقتك أم عصيبتك؟.. لم أعد أعلم يا وعد سوى أمر واحد فقط.. حتى وان لم تكوني تفهمينه..أو حتى تقدرينه وسترينه يوما ما..انك الوحيدة التي استطاعت امتلاك اغلى ما أملك…استطاعت امتلاك تفكيري وعقلي و…قلبي…
ولكن هيهات يا وعد.. هيهات أن أخبرك بما احمله لك من مشاعر حتى ولو انطبقت السماء على الأرض..مادمت لا تفهمينها أو تشعرين بي حتى.. أعلم انك لا ترين أمامك سوى ابن عم فقط.. ابن عم ولا شيء آخر..ولكني سأنتظر.. سأنتظر حتى ترين حبي هذا وتبادلينه بحب أقوى منه يوما ما..
لن استسلم.. قبل أن أرى الحب يلمع في عينيك.. والهيام تعبر عنه شفتاك.. لن استسلم حتى تبادليني هذا الحب يوما.. هذا وعد أقطعه على نفسي.. ولن أخلف بوعدي هذا مهما حدث….
ترى أأنت محق فيما تقوله يا هشام..هل ستتمكن من أن تجعل وعد الصلبة والعنيدة تبادلك حبا بآخر؟..من جانبي فأنا ارى نسبة النجاح ضئيلة.. ولكن من يدري فلندع الايام هي من تحكم…

وااااااااااااو الكاتبة ميرف نزلت روايتها التانية الجيرياالجيريا

يا بنت الحلال استني علينا شوي ما خلصنا روايتك الاولى

يلا رح تابعها بالافراح الجيريا

يعطيكي العافية يا امورة

* * * * *
كانت وعد تستمع الى أحمد باهتمام والذي كان يشرح لها طريقة استعمال الكاميرا لتصوير مختلف المناطق ومن مختلف الجهات..واختلاف الوقت أيضا.. وقال وهو يشير الى احد الأزرار بالكاميرا الديجتال (digital): عندما تضغطين على هذا الزر يا آنسة وعد..سوف تقوم الكاميرا بأخذ فترة معينة .. خمس ثوان مثلا..حتى تقوم بالتصوير وهذا يسمح لك بضبط وضع الصورة بطريقة افضل.. أو أن تقومي بتصوير نفسك مع ما ترغبين بتصويره..
قالت مبتسمة: هل عملي سيكون مقتصرا على التصوير؟
قال مبتسما بدوره: بالتأكيد لا .. لم نطلب في الوظيفة مصورا فوتوغرافيا..لكن تعلمين أهمية الصور مع أي خبر أو حدث..
اومأت برأسها وقالت: بلى أعلم..فقد تجذب الصورة الشخص لقراءة الخبر بالصحيفة..
– أجل ولهذا ينبغي أن تكون واضحة ومعبرة..
– أفهم هذا..
قال أحمد وكأنه لم يستمع الى عبارتها السابقة: والآن انت تعرفين بما يتعلق بالمقال الذي ستكتبينه بعد كل حدث وما يحتويه..من…
قاطعته مبتسمة وهي تكمل: من عنوان وتاريخ.. الوقت والمكان.. إضافة جميع الأمور الهامة ولكن بصورة مختصرة وغير غامضة.. أليس كذلك؟
قال مبتسما: ياه.. هل كلامي سهل الحفظ إلى هذه الدرجة؟
قالت وابتساماتها تتسع: بل أنا من لدي القدرة على استيعاب الحديث وحفظه في سرعة..
قال وهو يغمز لها: هذا واضح..
صمتت للحظات ومن ثم قالت: هل لي بسؤال؟
– بالتأكيد..
أدارت الأمر في رأسها طويلا ومن ثم قالت: أتعرف الأستاذ طارق منذ فترة؟
قال بحيرة: بلى منذ ثلاث سنوات.. لم؟
قالت وهي تعقد حاجبيها: لا لشيء.. ولكني أحسسته غريب الطباع.. هادئ بشكل كبير الى درجة تجعله اقرب الى البرود.. لا يهتم بأحد ولا يفكر إلا بنفسه..
قال مبتسما: معك حق في كل ما قلتيه.. ولكن أضيف الى هذا انه ذا قلب ابيض ومتعاون الى ابعد الحدود.. لن يتأخر على مساعدة أي احد لو طلب منه ذلك او حتى لو لم يطلب .. لكنه مع هذا صارم وحازم في تصرفاته.. تجبر الجميع على احترامه..
قالت وعد وهي تمط شفتيها: اعتقد بأنه شاب مغرور..
هز أحمد كتفيه وقال: الجميع اعتقد هذا في البداية.. ولكن صدقيني ستعرفين مع الوقت معدنه الحقيقي..
ومن ثم قال وهو يتطلع الى ساعة معصمه الفضية: هيا فلنصعد الى الطابق الأعلى.. فقد انتهى تدريبك لهذا اليوم ولنا لقاء بالغد..
قالت في هدوء: أشكرك.. ومعذرة ان كنت قد تسببت في إزعاجك..
قال مبتسما: ولو.. أنا دائما في الخدمة..
فكرة بسيطة التقطتها وعد عن أحمد.. شاب نشيط وجاد في عمله.. لكنه في الوقت ذاته يتميز بروحه المرحة التي تذيب الحواجز بينه وبين أي شخص يراه لأول مرة.. وتظن انه في الثلاثينيات من عمره أو أصغر بقليل..
وقال أحمد في تلك اللحظة مقاطعا لأفكارها وهما يستقلان المصعد: نسيت أن أخبرك.. أن طارق هو الصحفي الأكفأ تقريبا في هذه الصحيفة..
التفتت له وقالت بدهشة: أحقا؟
أومأ برأسه وقال وهو يضغط على زر الطابق الثاني: أجل.. والجميع يحاول أن يصل الى ما وصل اليه هذا الشاب الذي يلقبه الجميع هنا بـ"الجليد المتحرك"..
قالت وعد مبتسمة: حقا هو كذلك..
قال أحمد وهو يلتفت لها: صدقيني مادمت لا تعرفينه جيدا فسوف تحكمين عليه بشكل خاطئ..
هزت وعد كتفيها في لا مبالاة.. ووصل المصعد في تلك اللحظة الى الطابق الثاني..فخرجت وعد منه يتبعها أحمد.. ودلفا الى مكتب الصفحة الرئيسية..وهذا الأخير يقول: غدا سنكمل باقي التدريبات وسأعرفك على المراحل التي يمر فيها الخبر أو الموضوع قبل نشره..
أومأت وعد برأسها.. وهي تتجه لتجلس خلف مكتبها الذي كان يتوسط مكتب أحمد وطارق بينما يقابله مكتب السيدة التي تدعى (نادية)..
والتقطت قلم حبر جاف وخطت فوق إحدى الأوراق الموجودة أمامها أول شيء خطر في ذهنها.."الجليد المتحرك".. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها..وهي تقرأ هذه العبارة مرارا وتختلس نظرات متفرقة وغير ملحوظة الى طارق..
وبغتة..انطلق رنين هاتفها المحمول.. فأسرعت ترسم خطوطا على العبارة حتى تخفيها وتمنع أي شخص من ملاحظتها.. والتقطت هاتفها لتتطلع الى الرقم قبل أن تجيبه قائلة بابتسامة واسعة: أهلا هشام..
قال هشام ببرود: ما هذا؟ أتخشين على فاتورة الهاتف لهذه الدرجة..ان كنت كذلك فسأدفع أنا قيمة فاتورة هذا الشهر..
ابتسمت وعد بمرح وقالت: لم؟.. مع إني أرحب بفكرة ان تدفع عني أنت فاتورة هذا الشهر..
قال مستاءا: ألم اطلب منك لاتصال بي وإخباري بكل ما يستجد؟..
– أجل.. وأخبرتك أنا إني سأفعل ان وجدت الوقت الكافي..
– وما الشيء الهام الذي كان يشغل وقتك ويمنعك من الاتصال بي؟..
قالت وعد مبتسمة: أنا الآن صحفية.. وهذا يعني انني سأكون على انشغال تام.. فقد كنت أتدرب على إعداد التقارير وتصوير المناظر المختلفة…
– أحقا ؟..اذا يمكنك اعداد تقرير عن المبنى الذي وضعت الرسوم الهندسية له وأشرف على بناءه الآن..
– كلا..لا تحرجني.. لا أريد أن أكون موضع للنقد والشتم بعد أن يسقط المبنى..
قال هشام مبتسما: ولم كل هذا التفاؤل؟..
ضحكت وعد بخفة وقالت: حتى تعلم انني أخشى على مستقبلي المهني من….
(كفاك إزعاجا هنا)
كانت هذه العبارة كافية لأن تصمت وعد وترغمها على ابتلاع كلماتها التي كانت على طرف لسانها منذ قليل..والتفتت الى مصدر الصوت لتتطلع الى ناطق العبارة السابقة.. ودهشت..بل ذهلت عندما شاهدت انه طارق نفسه!..
وسمعت صوت هشام عبر الهاتف وهو يقول مستغربا صمتها: وعد ألا زلت على الخط؟..وعد..
انهت وعد المكالمة دون ان ترد على هشام حتى..وأغلقت الهاتف دون ادراك منها..قبل أن تلتفت الى طارق وقالت بصوت يمتلئ بالدهشة: ماذا؟
قال طارق بصرامة وببرود شديد في الوقت ذاته : عليك ان تعلمي انه مكان للعمل.. وليس للمحادثات الشخصية..انك تزعجيننا وتمنعينا من مواصلة العمل بهدوء..
تطلعت اليه وعد ودهشتها تتفاقم من هذه اللهجة الصارمة وهذه الكلمات القاسية التي قالها لها منذ قليل..دون ان يتحلى بقواعد الأدب في الحديث معها مع انها تراه وتتحدث اليه للمرة الثانية وحسب..من يظن نفسه؟..مغرور..
وقالت وهي تنهض من خلف مكتبها: عن إذنكم..
قالتها وابتعدت خارجة من المكتب.. في حين أحس أحمد بالموقف المحرج الذي وضعت وعد فيه والذي لم يكن له أي داعي من الأساس..وقال مخاطبا طارق: لماذا تحدثت إليها بهذه الطريقة؟..
قال طارق وهو يعود للتركيز في عمله: أي طريقة؟
قال أحمد بهدوء: انها موظفة جديدة هنا.. ولم تعرف بعد الا القليل عن هذا المكان.. فلم تكون قاسيا وتتحدث اليها هكذا..
– حتى تفهم..إنها في مكان للعمل..ولن أسمح لأي شخص هنا بالاستهتار في عمله..
– ولكنها لم تعتد المكان بعد.. ثم لا عمل لديها بعد هذا التدريب الذي خضعت له هذا اليوم..
لم يعلق طارق بل اكتفى بنظرة باردة ألقاها على أحمد وعاد لمواصلة عمله..وهز أحمد رأسه اعتراضا وعاد لمواصلة عمله بدوره…
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.