أكفان الربيع 2024

تزوجت من فتاة جميلة , دمثة الخلق , حيية محتشمة , يحمر وجهها لأقل كلمة

ويتضرج خدها الأسيل لأدنى إشارة ! همت بها وتغلغل العشق في قلبي كما تتغلغل

العلة في الصدر .. وزاد من حسنها ذكاؤها .. وحضور بديهتها الذي أضفى على

شخصها ضربا من الجاذبية الأخاذة .. فقد كانت على نقيض سواها من النساء

تملأ وقت فراغها بالكتب , وتزجي أيامها بالقراءة , وتحجم عن الثرثرة الفارغة

التي تستهوي بنات حواء .. لقد أعجبت بها كإنسانة ناضجة تحب ما أحب وتكره

ما أكره .. توسمت فيها الحصافة والإدراك .. وما أسرع أن تمخض هذا الاعجاب

عن هوى جارف متقد , شغل قلبي وملأ جوارحي .. وهيمن على عاطفتي

ولست أنسى ليلة جفاها فيها الكرى , لإني غضبت عليها .. وضقت بها .. فباتت

تتقلب على فراشها وتتنهد وتتلوى.. تذرف الدموع .. وكأنها تشكوني إلى الله من

ظلمي وجوري وبغيي عليها .. فلما ضقت ذرعا بأنينها المتصاعد تركت الحجرة

وانكفأت إلى المجلس وجعلت أبكي . وهذه أول مرة أبكي فيها من أجل امرأة..

وما إن تبلج الفجر وبانت تباشيره , حتى ذهبت إليها التمس رضاها , وأعدها

بإزالة ضنكها والتفريج عن كربتها ! فانتشت روحانا .. واغتبطت نفسانا .. وقرت

العيون .. وجعلت أشبب بها بكلام منثور .. وتارة منظوم .. وكانت تذوب وجدا

كلما أسمعتها كلماتي .. وكان شعورها المرهف يصفو ويرق فلا يشف إلا عن

صفاء سريرتها وجمال روحها .. ولم يمض عام حتى تفاجأت بقرارها المأفون

طلبت مني الطلاق بإصرار ونزولا على رغبتها وافقت .. وتفرقنا مزقت الأيام

شملنا .. وطفقت أتقلب على النار أتألم وأتعذب .. أما يأسي الآن فحديثه أعجب

ولا أقوى على وصفه .. لقد سلب اليأس رشدي وأوهن قواي .. وفل عزيمتي

فكم من ليلة ساورني فيها فكر مجنون , كنت أصيح فيها بصوت مخنوق كأنه

حشرجة المذبوح " أيها الموت أخترمني .. وأردد بيت المتنبي :

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا **** وحسب المنايا أن يكن أمانيا

ثم أفيء إلى نفسي فأتذكر الأيام الخوالي التي قضيناها معا .. فتطير نفسي شعاعا

وأضرب بالحائط رأسي .. وقلما أنام فإن نمت بعد عناء وعذاب , أتذكر مافات

فأعول وأنتحب وأبكي بكاء الثكلى .. كانت تأسوا جراحات قلبي , وتخفف آلامي

وتكفكف عبراتي .. وتعينني على الحياة .. كانت .. وكانت .. أما الآن فأين هي؟!

إنها النفس الأمارة بالسوء ..شؤم المعصية .. إنها إرادة الشر .. وها أنا ادفع

الثمن باهظا ..!

مشكوووووووووووور……………………………………)
شكرا نوف على مرورك الجميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.