الجو والرياح والمطر عند شعراء المعلقات 2024

عبر شعراء المعلقات عن سماء العرب ،وما يتعاقب عليهم من الرياح والأمطار ،إذ كانت تلك المشاهد طبيعية شديدة الاتصال بحياتهم ،عميقة التأثير في نفوسهم ، فقد مدوا عيونهم على الصحراء ،ورفعوها نحو السماء. وكانت السماء مرتجاهم يترقبون سحبها ويتوقعون غيثها الذي ينمي لهم النبات والكلأ والعشب فيأكلون ويرعون أنعامهم ورصدوا حركات الرياح التي تدفع السحاب وتخفف عنهم حدة الطبيعة المتطرفة.
ومن ذلك معلقة امرئ القيس :
فتوضح فالمقراة لم يغف رسمها *** لما نسجتها من جنوب وشمأل
فالجنوب والشمأل:اللذان ذكرهما يقصد أن منازل حبيبته لم تعف آثاره بسببها بل هي باقية ولو عفت لاستراح أو لم يعف رسمهما للريح وحدها.وإنما عفا للمطر والريح وغيرهما ،قال صاحب القاموس :الجنوب ريح تخالف الشمال،مهبها مطلع سهيل إلى مطلع الثريا.أما الشمأل فقد ذكر أن مهبها من حد القطب الشمالي إلى مغرب الشمس ، وسميت شمألا لأنها على شمال من استقبل المشرق.
وقال أيضا:
أصاح ترى برقا أريك وميضه**** كلمح اليدين في حبى مكلل
يضئ سناه أو مصابيح راهب **** أمال السليط بالذبال المفتل
قعدت له وصحبتي بين ضارج****وبين العذيب بعد ما متأملي
على قطن بالشيم أيمن صوبه **** وأيسره على الستار فيذبل
فأضحى يسح الماء حول كتفيه****يكب على الأذقان دوح الكنهبل
ومر على القنان من نفيانه **** فأنزل منه العصم من كل منزل
وألقى بصحراء الغبيط بعاعه **** نزول اليماني ذي العياب المحمل
كأن مكاكى الجواء غدية**** صبحن سلافا من رحيق مفلفل
هنا ذكر الشاعر البرق ووميضه والحبى المكلل (1)والحبى ما ارتفع من السحاب والمكلل المستدير كالإكليل المكلل المبتسم بالبرق وشبه البرق في تحركه ولمعانه باليدين وفي تألقه بمصباح الراهب(2)وذكر قعوده مع أصحابه بين ضارج والعذيب (3) ينظرون إلى هذا السحاب يشيمون برقه ،ذلك السحاب الذي امتد وانتشر في الأفق وتناءت أطرافه فنزل مطر يمناه على جبلي نجد قطن وشيم. وهذا السحاب يصب ماؤه حول كتفيه فإذا سال ماؤه اقتلع الأشجار لكثرته وقوة جريانه.وهذا المطر ألقى على الصحراء ما كان يحمله من الماء حتى خرج من الصحراء نبات مختلف ألوانه.
ومن أصحاب المعلقات أيضا الذي تناول ذكر المطر لبيد بن ربيعه
رزقت مرابيع النجوم وصابها ***ودق الرواعد جودها فرهامها
من كل سارية وغاد مدجن *** وعشية متجاوب إرزامها
فعلى فروع الايهقان وأطفلت ***بالجلهتين ظباؤها ونعامها
والعين ساكنة على اطلائها ***عوذا تأجل بالفضاء نهامها
وجلا السيول على الطلول كأنها***زبر تجد متونها أقلامها
حفزت وزيلها السراب كأنها *** أجزاع ببشة أثلها ورضامها
المرابيع هي الأمطار التي تكون في أول فصل الربيع والودق المطر و الرواعد السحائب جمع راعدة والرعد صوتها يصفقها الريح بعضها في بعض فيحصل من تصادمها واحتكاكها هذا الصوت ،والجود المطر الغزير حتى لامطر فوقه والرهام المطر الغزير والسارية هي السحابة التي تسري ليلا والغادي السحاب الذي ينشأ غدوة والسيول هو الماء الكثير السائل وهو يصف السيول وقد كشفت عن آثار الديار لأنها غسلت ما كان متراكما عليها من التراب.والسراب الذي يلوح للناظر في الظهيرة أنه ماء وليس بماء .
وفي معلقة عنترة ايضا حيث يقول:
أو روضة أنفا تضمن نبتها ***غيث قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليها كل عين ثرة ***فتركن كل قرارة كالدرهم
سحا وتسكابا فكل عشية ***يجري عليها الماء لا يتصرم
هنا ذكر الروضة الأنف التي تضمن نبتها غيث قليل الدمن ليس بمعلم أي ان المطر سقط عليها فطيب رائحتها وقد جادت عليها كل عين ثرة أو بكر حرة فتركن كل قرارة كالدرهم أي أصابتها بالجود وهو المطر الغزير ،والبكر من السحاب التي لم تمطر بعد فهي أكثر ماء والحرة الخالصة من البرد والريح ويروى "كل عين ثرة"والعين:المطر لا يقلع خمسة أو ستة أيام وثرة:كثيرة المطر دائمته والقرارة مستقر الماء في الوادي .والسح صب الماء.

تح ~ س ~ لا ~ ف ~ ياتي
=================================

شكرا على الموضوع الجميل &انتظار جديدك&

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.