الأعصاب , أتحدث قليلا , ولا أجد استقرارا لي في المنزل فكنت ألقي بنفسي إلى الشارع . حتى وأنا في الشارع كنت أجد نفسي متضايقا . وأخيرا استجمعت قواي ذات يوم وأعملت تفكيري , قلت لنفسي : ماهذا الذي يحدث ؟ بل ماذا حدث؟ وفي هذا الوقت بالذات مرت زوجتي من أمامي . كانت تبدو وهي تنظر إلى وجهي كأنها لاتعرفني لم يبق في وجهها من حيويتها القديمة سوى آثارها . لم تعد تتحدث أبدا . كانت تجيب على الأشياء التي أسألها باقتضاب وإيجاز مخل . لم تكن طبيعية . أصبحت كالمسعور نتيجة لهذه الحالة التي أعيشها . وانصب تفكيري على سؤال هو: لماذا لا أتحدث معها عن حالتها النفسية هذه .. دخلت البيت ذات مساء ؛ تناولت الطعام وكأن شيئا لم يكن ثم قالت زوجتي : أنها ذاهبة لتنام , فقلت لها : – لا . اجلسي فلدي ما أقوله لك ! تحدثت مع زوجتي طويلا . حدثتها ربما ساعة كاملة . قالت : – إنني أشعر بالخوف . ربما لايكون هناك مايخيف , ومع ذلك لا أستطيع السيطرة على نفسي من جراء هذا الخوف الذي يتولاني , وهذه الحالة التي تعتريني . وصلت إلى حالة أخاف معها التكلم , بل حتى من التفكير , وكنت أخاف من التحدث معك عن خوفي . صحت قائلا :
ولماذا تخافين ؟ وممن ؟ … حدثيني !!
– لا أدري .. أرجوك طلقني !!!
أما للنوم سلطان عليا
إذا احترق المساء بمقلتيا
ولف الكون من حولي وجوم
أناخ ركابه فوق الثريا
أبيت.. كأنني (سيزيف) أرنو
إلى حجر يحجر ناظريا
وبي كلف يطيف بكل ذكرى
من الماضي تلازم أصغريا
فليت الحب ما سلب الأغاني
وأبقى في فمي لحنا شجيا
يفجر في قفار ا لليل نبعا
من الأنغام والنجوى سخيا
ويبعث من ضريح الأمس صبحا
تلاشى وامحا شيئا.. فشيا
إلى أن غاص في شفق تردى
لهيبا من دمائي قرمزيا
يفور لظاه فاحترق احتراقا
كما احترق المساء بمقلتيا
دون أن نفطن لمكان الوجع…
نبكي …
ولا نعلم أين هي الدموع كي نمسحها…
نخاف…
والعالم حولنا وردي اللون….
ما أقسى الفراق دون أن نعلم السبب….
يا شاعرنا لي سؤال في ذهني تشعب….
ماذا بنا نحن البشر؟…
تسكرنا الدنيا ضحكا تلو ضحك…
وأنغامها تهدينا ما شئنا من الفرح….
ولكن في لحظة لا طول لها ولا قصر…
ينمحي كل شيء…
ويستحيل الكوكب الأرزق "نارا جهنمية " نغلي فوقها…
نتراقص عليها كحبات الذرة ….
***
صدقني …
أجرمت بهذه الوخزة….!
أما سؤالك فلايجيب عليه إلا الفيلسوف هيجل